عيسى الجوكم

كرروا التجربة ولن تندموا!!

¿ ¿ تراجع الكرة السعودية في العقد الأخير له أسباب كثيرة أشبعها النقاد طرحا وتداولا وعلاجا، ولكن المؤكد أن النافذة التي كانت تطل منها الكرة السعودية تفوقا وحضورا طاغيا في حقبة الثمانينات وتسعينات القرن الماضي أغلقت في العقد الأخير.¿ ¿ وأعني بذلك أن المواهب التي تولد في الفئات السنية تقتل وهي في المهد، وهذه حقيقة وليست مبالغة في الطرح، فالكثير منها ينثر الورود في الملعب مع ناديه والمنتخب، لكنه يصطدم بعقبة الانضمام للفريق الأول في ناديه، إما لعدم ثقة صناع القرار في موهبته، أو يطحن في ماكينة حمى انتقالات اللاعبين بين الأندية غير المدروسة، فيجلب لاعبا غير مؤهل، ويستغني عن موهبة لم تجد من يأخذ بيدها نحو تكملة المشوار، بعد إبداع فاق وصفه في مراحل النشء.¿ ¿ نعم أم المشاكل التي تعاني منها الكرة السعودية هي السياسة السلبية لصناع القرار في الأندية، بعدم الثقة في المواهب الناشئة، وهي استراتيجية لم تكن موجودة في الفترة الذهبية لعنفوان الكرة السعودية وأعني بها حقبة ما قبل الألفية الثالثة، والفارق واضح بين ثقافة الماضي والحاضر، فكل النجوم الذين شاركوا مع صغار الأخضر أبان تحقيقهم كأس العالم، واصلوا المسير حتى أصبحوا نجوم المنتخب الأول، لأن ظروف الانتقالات العشوائية آنذاك لم تكن ثقافة موجودة في إدارات الأندية حتى لو وجد المال، لأن ديدن عملهم كان تفريخ النجوم من الفئات السنية والزج بهم في الفريق الأول والأمثلة كثيرة محيسن الجمعان في النصر لعب في الفريق الأول وعمره لم يتخطّ الـ 18 عاما وحسام أبو داوود في الأهلي والجابر في الهلال وباخشوين والشيحة في الاتفاق وغيرهم الكثير.¿ ¿ ولو قارنا حقبة ما قبل الألفية الثالثة (الثقة في الموهبة الصاعدة)، بنجوم منتخب شباب الأخضر (2011 م) الذين تأهلوا لكأس العالم بكولومبيا، لوجدنا أن معظم من مثل وشارك مع المنتخبات السنية إما نجم في المنتخب الأول، أو ركيزة أساسية في ناديه رغم صغر سنه في فترة الثمانينات وتسعينات القرن الماضي، على العكس تماما في حاضرنا، فجل من مثل وشارك في كأس العالم للشباب 2011 هم خارج المنظومة ولم يجد فرصته في اللعب مع ناديه إلا النزر القليل منهم ولعل فهد المولد لاعب الاتحاد ونواف العابد لاعب الهلال ومحمد آل فتيل من ضمنهم.¿ ¿ كنت وما زلت أتذكر رؤية المدرب الوطني سمير هلال عندما كنت أدير الاستديو التحليلي في بطولة آسيا للشباب التي أقيمت في الدمام، وكسبها المنتخب الإماراتي ولم يوفق الأخضر الشاب في حصد لقبها، وسألته آنذاك على الهواء عن السبب، فأجاب برؤية المدرب الخبير (لأن جميع لاعبي منتخب الإمارات للشباب رغم صغر سنهم يلعبون في الفريق الأول لأنديتهم، أما لاعبي المنتخب السعودي، فلا يوجد أي لاعب منهم يلعب في الفريق الأول بناديه) تصوروا أن منتخب الإمارات آنذاك هو الذي يمثل المنتخب الأول حاليا.¿ ¿ الخلاصة، وبعد تأهل الأخضر الشاب لمونديال كوريا الجنوبية في البطولة الآسيوية المقامة حاليا في مملكة البحرين، علينا استحضار تجربة الماضي والحاضر في استمرارية الموهبة، ونعود لحقبة ما قبل الألفية الثالثة بإعطاء المواهب التي مثلت الأخضر الشاب فرصة لتمثيل أنديتهم، بدل العك في سوق الانتقالات المحلية، بدون طائل وسط هدر مالي لا مبرر له.