زياد محمد الغامدي

للأمن والسلم.. أم للفوضى والجباية؟

قبل أيام غرم البنك الزراعي الصيني بأكثر من 200 مليون دولار نتاج قيامه بعمليات مشبوهة في فرعه في نيويورك. البنك يعتبر من أكبر عشرة مصارف في العالم، وبأصول تريليونية، وتواجد آسيوي، ويعتبر صاحب ثاني أكبر طرح أولي في التاريخ. الحقيقة أن سلسلة التحقيقات والغرامات في الخمس السنوات الأخيرة بحجة الحفاظ على هيبة العقوبات الدولية المفروضة من هيئة الأمم المتحدة أصبحت مثار تساؤلات الوسط المصرفي الدولي، خصوصا بعد الاتفاقية النووية الموقعة مع ايران والتي سمحت لكافة مصارف العالم بالتعامل مع ايران وبالدولار (شريطة ألا تمر العملية من خلال المصارف والشركات الأمريكية). وهذا الشرط العجيب الغريب لم يفهم ولم يستوعب ولم تفهم غايته ولم يشرح احد مسوغاته الى هذه اللحظة.اعتقد ان من يهمه امر الأمن والسلم الدوليين لا يسمح بمثل هذا، واعتقد انه لا يقوم باحتلال الدول وإزاحة الحكومات ودعم الصهاينة ونشر كل رذيلة وانحلال عرفها البشر منذ نشأتهم على كل وسائل اعلامهم بطريقة مقرفة مقززة ومنحطة. نعم الولايات المتحدة الأمريكية تمارس سيادتها على أراضيها بطريقة لا تقبل النقاش من أي كائن كان، ونعم الولايات المتحدة تفرض ما تشاء من قوانين وانظمة على كل من يريد التعامل معها ومع عملتها. ونعم الولايات المتحدة تملك القوة الكافية ليس لفرض ما تريد فقط، بل لتدمير العالم برمته. ولكن الولايات المتحدة أيضا تقتات من الفوضى وإثارة مناطق نزاع مذهبية وعرقية وحزبية وغير ذلك، وما يحدث في منطقتنا وفي القارة الأفريقية وفي العالم برمته دليل على ذلك. الولايات المتحدة فرضت من الضرائب ما هز الملاءة المالية لمصارف اوروبا، ثم سمحت لها بإعادة التعامل، واذا لم يكن هذا استعراضًا للعضلات فلا أعلم ما الذي يعتبر كذلك. الولايات المتحدة تردد أنها لا تريد لأي عملية مالية مع ايران أن تمر من أراضيها، ولا تمانع أن تتعامل المصارف معها بالدولار على هذا الأساس. ولكن أمن العالم وسلمه والذي على أساسه فرضت العقوبات التجارية والتي لأجلها قدمت قوانين مكافحة عمليات تمويل الإرهاب وغيرها مما تبرع فيه الدول الإرهابية، وضعت لتجفيف كل ما من شأنه تقوية الكيانات الإرهابية من دول أو منظمات أو أفراد. الأمن والسلم الدوليان ليسا مقتصرين فقط على أراضي الولايات المتحدة الأمريكية، فالولايات المتحدة مجبرة كأكبر قوة اقتصادية وعسكرية وتقنية على لعب دور أكبر من حماية أراضيها. ليس من غير المنطقي أبدا أن يتوصل المراقب في ظل هذا الوضع الغريب العجيب الى ما مفاده ان الولايات المتحدة الامريكية تمارس الألاعيب للخروج بأكبر قدر ممكن من المكاسب المالية البحتة، فلا هي همها الامن والسلم ولا يحزنون. بل على العكس، يلاحظ انه كلما اشتد الأمر على ايران، وجدت لها الولايات المتحدة مخرجا أو اتفاقا يضر أولا وأخيرا بمصالح الشعب الايراني نفسه، ولا يستفيد منه الا الولايات المتحدة. أما نحن العرب، فوجودنا أمر أراده الله، وكفله، وليس سوى مسألة وقت حتى يرتد الشر على من حاكه، فهذه سنة الله، سنة عادلة، إن العاقبة للمتقين.