خالد الشريدة

المرشد والبغدادي على مائدة الدم

حين نتابع خطابات زعماء إيران ابتداء من المرشد وقادة الحرس الثوري وحزب الله والحشد الشعبي في العراق والقيادة العراقية ونضيف اليهم أبوبكر البغدادي، تبدو وكأنها تخرج من شخص واحد مع اختلاف الاسماء أو القواسم المشتركة في الفكرة واللغة وتحديد الهدف وبوصلة العداء تجاه الإسلام السني، ولا يمكن أن نقول ما الذي لمّ الشامي على المغربي لأن نظرية المؤامرة يمكن أن تفسر بعض العلاقة بين إيران والتنظيمات الإرهابية، مثل داعش الذي يضلل أتباعه ويوهمهم بحرب غيرهم من السنة لأنهم في نظرهم كفار أو خارجون عن الملّة، فيما قيادات التنظيم تستغل غفلة هؤلاء وتنسق مع إيران بما يجعل ما هو مستبعد وغريب حقيقيا ومنطقيا وواقعيا بدليل رغم التكفير الكثيف لكل مسلم عدا أتباع التنظيم واستهدافهم بالقتل والتفجيرات إلا أنهم لم يمسوا إيران بكلمة واحدة.في السياسة قول مأثور «عدو عدوي صديقي» وحين يكون البغدادي معاديا لكل ما هو مسلم سني فإنه يصبح بالتالي صديقا لإيران التي تستهدف السنّة في كل العالم وخاصة في جزيرة العرب وتحديدا السعودية ومؤخرا أضافت خطابات التعبئة والتطرف والإرهاب لتركيا، لأنهم يوجهون تضليلهم وإرهابهم الى أي مركز قوة سنّي يمكنه أن يتعامل فكريا أو عسكريا أو أمنيا مع مخططاتهم ومشروعاتهم التخريبية، لذلك لا نستبعد في ظل الفوضى والأهداف الإرهابية أن تدعم إيران تنظيما إرهابيا مثل داعش وتوفر له المعينات اللوجستية وإن بدا ذلك غير منطقي، ولكن ما بين سطور الخطابات التي تتطاير عبر الأثير وتهدد وتتوعد الجزيرة العربية بالويل والثبور وعظائم الأمور يمكن أن نجد كثيرا من القواسم المشتركة التي تقفز على ما يبدو أنه غير منطقي.اللعبة أصبحت مكشوفة فالعلاقات الداعشية الإيرانية لم تعد تخفى على أحد، فإيران والحشد الشعبي وتنظيم داعش متفقون في التطرف ويمارسون الإرهاب كسلوك لتحقيق الأهداف، وهم يسيرون على خط واحد قبل أن تأتي لحظة الافتراق الفاصلة في لحظة ما، أما حاليا فهم على المستوى القيادي متفقون ويجعلون اتباعهم من المغيبين يعيشون الوهم ليقاتلوا بعضهم ويسفكون دماء بعضهم في مناطق بعينها لا يتجاوزها كل طرف لتبرير العداء الظاهر وإخفاء الاتفاق المستتر، فهذا جزاء من المخطط المرسوم، لأنه طالما ظل الإسلام السني في الجزيرة العربية والمعني بها السعودية في خطاباتهم هي العدو والهدف فلا بأس من أن يتحالف الجميع، وأمامهم مسيرة طويلة لتحقيق ذلك يستخدم خلالها كل طرف الآخر ويجندون الصغار لخدمة مشروعات عميقة في الباطن.خلال ذلك لا يمكن أن نتجاهل الدور الكارثي للمخابرات الغربية التي توظف تنظيم داعش وتغض الطرف عن إرهاب إيران وهي تعلم مدى وحقيقة الصلات التي تجمع هذين النقيضين، لتكون بذلك هي الرابح الحقيقي في حرب وكالات بلهاء تستنزف جميع أطرافها، وذلك ما يتوافق مع إحاقة المكر السيئ بأهله، حيث يقتل كثير من قادة الحرس الثوري في سوريا والعراق بأيدي المغيبين الذين يحسنون صنعا، ويهلك مثلهم من التكفيريين الإرهابيين الذين يهدرون حيواتهم في باطل البغدادي والإرهاب، ولكن تبقى الحقيقة وهي أن إيران والإرهابيين من داعش والحشد الشعبي وقيادة العراق المرتبكة كلهم خاسرون لأن ميدان المعركة أكبر من أن تحسمه فوضى مكشوفة يحسبونها خبثا وذكاء فيما هو غباء فائق يرتد عليهم مزيدا من الهزائم على المدى البعيد.