الخروج عن المألوف
ان المجتمعات في جميع دول العالم لها معتقدات تؤمن بها، وكذلك هناك عند الشعوب عادات وتقاليد تسير عليها حيث توارثت ذلك منذ سنوات طويلة وعملت بها جيلا بعد جيل، ولا شك أن المعتقدات الفكرية أو الدينية لا تتغير بسهولة، لذلك نرى الديانتين اليهودية والمسيحية قائمة لآلاف السنين رغم انبعاث الدين الإسلامي الحنيف، وقد أقر القرآن الكريم بوجودها وأوصى الرسول «صلى الله عليه وسلم» بحسن التعامل مع أتباع هذه الديانات.أما العادات والتقاليد فتتغير مع الزمن والأحداث ولكن هذا الأمر يأخذ فترة من الزمن وذلك لطبيعة الإنسان بالتمسك ببعض الطباع التي توارثها لعقود من الزمن والتي أحيانا ترتبط بصورة ما مع المعتقدات لغرض تثبيت هذه التقاليد والمحافظة عليها من التغير لأطول فترة ممكنة، ولكن لا محالة أن التغير للعادات سيحصل مع الوقت خصوصا في الأجيال الجديدة مع وجود التواصل التقني بين الناس وانفتاح المجتمعات على بعضها في جميع دول العالم، ولاشك أن التاريخ القريب جدا لمجتمعنا السعودي خلال الثلاثين سنة الأخيرة قد بين بوضوح التغيرات الكثيرة في الموروثات والعادات الاجتماعية والتي جاء بعضها للأحسن وبعضها للأسوأ وهذه سنة الحياة كما يقال (دوام الحال من المحال).. ولكن المطلب المنطقي والعقلاني هو (عدم الخروج عن المألوف) بصورة شاذة أو طائشة تسبب ردة فعل معاكسة في المجتمع، لأن للناس آراء وأفكارا مختلفة تتباين من شخص إلى آخر مما يتطلب وجود خط وسط يكون مقبولا من أغلب فئات المجتمع (وليس من الكل لأن ذلك مستحيل) وهذا النوع من التروي والوسطية في التغيير المجتمعي يجعل الناس تتقبل الأمر وترى الجانب الحسن فيه وبالتالي تساعد على نشره وتطبيقه. إن المجتمع السعودي الكريم لديه تقاليد وعادات طيبة متوارثة منذ مئات السنين مما يتطلب المحافظة عليها مثل الترابط العائلي والتواصل الاجتماعي والمساعدات الخيرية للمحتاجين وغيرها من الأمور الحميدة، ولكن في نفس الوقت هناك بعض الموروثات الاجتماعية غير الصحيحة التي يجب معالجتها وتغييرها بروية دون «الخروج عن المألوف» باستخدام القوة والمواجهات المجتمعية التي تشق الصف وتعكر الوحدة الوطنية من غير أن تحقق التطوير والوعي الاجتماعي المطلوب الذي سيفيد الوطن والمواطن... وإلى الأمام يا بلادي.