د. محمد حامد الغامدي

معضلة تنامي الطلب والتكاليف

▪▪القناعة تتأكد.. تحلية مياه البحر عبء ثقيل على الأجيال القادمة.. التحلية مشروع كارثة تكاليف.. تصريحات الوزارات السابقة واللاحقة.. تصب باتجاه تعظيم القناعة بكونها خيارا استراتيجيا.. النشيد يتردد بنفس الزخم والحماس.. كيف أنجزوا هذه القناعة؟! أكرر طرح التساؤلات.. ليس عنادا.. لكنها قناعة بعكس ما يدعون.. لمصلحة من يرددون قناعتهم؟! هل هي لمصلحة الوطن والأجيال القادمة؟! ▪▪ أخيرا جاءت وزارة جديدة بثلاث رايات.. البيئة.. المياه.. الزراعة.. كل راية بمسارات مختلفة.. هل تغير الصوت والكلام؟! هل الوضع يزداد سوءا؟! تناقضات.. الواقع يخالف واقع التصريحات.. يتحدثون عن الحفاظ على ما تبقى من المياه الجوفية.. لكنهم جعلونا نعيش واقعا يعظم استنزافها.. أيضا تصريحاتهم حول التوسع في الاعتماد على مياه التحلية الباهظة التكاليف، تزيد الطين بلّة.▪▪ صوت وكلام يثير القلق.. يقولون بحاجتنا إلى استثمار (200) مليار ريال لإنتاج المياه المحلاة خلال الخمس السنوات القادمة.. يا غافلا لك الله.. يعني (40) مليارا سنويا.. كيف سيأتون بهذه الأموال الفلكية؟! ليت الأمر ينتهي مع السنوات الخمس مع معرفتهم أن الطلب على المياه يزيد على (5) بالمئة سنويا.. لماذا يضعون البلد والأجيال القادمة في مأزق التكاليف الباهظة؟! لمصلحة من؟! من يقف خلف مشاريع التحلية؟! من أقنعهم بجدوى التحلية؟! أسئلة مرعبة تطرح نفسها.. دهشتي وذهولي من تجاهل البدائل.▪▪ يؤكدون أن المواطنين يستهلكون (8) ملايين متر مكعب يوميا.. ثم يعترفون بأن التحلية تنتج نصفها.. تعادل حوالي (1.3) مليار سنويا.. كمية تعتبر (طفيسه) مقارنة بما يتم السماح باستنزافه من المياه الجوفية الاستراتيجية (24 مليار متر مكعب سنويا).. كمية تعادل حصة السودان من مياه نهر النيل بنسبة (130) بالمئة.. استمرار هذا النهج سيقود لحزمة مصاعب تواجه الأجيال القادمة.. استنزاف المياه الجوفية ضرب من الجنون، ليس حكمة.. الزراعة في المناطق الصحراوية انتحار، ليس استثمارا.. كيف نسمح بالتوسع في زراعات نتائجها على المدى الطويل كارثة؟!▪▪ السؤال الأكثر مسئولية.. لماذا يتجاهلون زراعة المناطق المطيرة؟! هل لدى وزارة البيئة والمياه والزراعة جواب؟! هل لديهم تبرير لتوزيع أكثر من (4) ملايين هكتار من الأراضي البور في المناطق الصحراوية.. بينما لم يتجاوز نصيب المياه المطيرة (2) بالمئة؟! وصلت مرحلة الاعتقاد بوجود مؤامرة لاستنزاف المخزون الاستراتيجي من المياه الجوفية.. هذا الاستنزاف ضد مصالح الأجيال القادمة.. لا أشكك في النّوايا.. لكن التصرفات تثير القلق.▪▪ فهم البيئة جزء من الحل.. تجاهل البيئة قتل وتدمير لمواردها.. لماذا ينحتون الصخور ويمكنهم تجنبها؟! لماذا الإساءة لمواردنا الطبيعية؟! لماذا إساءة استخدامها؟! لماذا يحمّلون الأجيال القادمة نتائج سوء التصرفات؟! لماذا الجشع والطمع على حساب الأجيال القادمة؟! نحن بحاجة لاكتشاف قدرات البيئة.. بحاجة لوضع خارطة موارد لبلدنا المترامي الأطراف.. بحاجة لمعرفة قدرات كل منطقة.. بحاجة لاستثمارها بشكل رشيد لصالح مستقبل بقية المناطق.▪▪ تصريح وزير المياه ينبئ بكارثة التوجه.. عكاظ العدد (18256) وتاريخ الاثنين 28 صفر 1438/‏ 28 نوفمبر 2016.. يقول: (لا نستبعد استيراد المياه).. تصريح يثبت أن الوزراء الذين تعاقبوا على الوزارة لا يدركون أن لديهم كنزا يغنيهم عن التحلية.. يغنيهم عن استنزاف المياه الاستراتيجية المخزونة في مناطق الصخور الرسوبية.. هل يثبت التصريح التناقض؟! هل يهيئ التصريح لقبول الأسوأ؟! البيئة تتهدم وتتآكل أمام أعيننا.. بدلا من توجيه الأموال لصيانتها والحفاظ عليها وتنميتها.. نجد التصريحات تعمل عكس هذا.. سيتم انفاقها على التحلية ذات العمر الافتراضي.. التحلية تقول هل من مزيد؟! نهمها للمال لا يتوقف.. يزيد ولا ينقص.▪▪ كتبت الكثير.. وضعتها في كتب حتى لا تفنى وتضيع.. هل يعيشون في كوكب آخر غير الذي نرى ونعيش؟! مستقبل الأجيال القادمة مسئولية استراتيجية.. كنتيجة أعيد إحياء مشروعي الذي يتجاهلون.. كنت قد طرحته مع بداية تسعينيات القرن الماضي.. من جديد جمعت شتاته.. وضعته أخيرا في كتاب بعنوان: (كيف نحول المطر إلى مخزون استراتيجي).. هذا لمواجهة زيادة الطلب على المياه.▪▪ ادعي بأنه مشروع لن يقل شأنا عن بناء سور الصين العظيم.. سيضاهي معجزة بناء الأهرامات.. سيكون من أعظم الإنجازات الإنسانية في شبه الجزيرة العربية.. عطاؤه سرمدي لكل الأجيال.. مشروع يحقق بناء المستحيل.. يحقق انجاز مجموعة مشاريع في مشروع واحد.. يحقق غايات عظيمة مستدامة بنفس الجهد والوقت والمال.. المشروع سيوفر سنويا حتى أكثر من (60) مليار متر مكعب من مياه الامطار.. ألو.. هل تسمعون؟!