زيارة الملك وتجسيد الاتحاد
الزيارة الميمونة التي قام بها قائد هذه الأمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - يحفظه الله- لعدد من دول مجلس التعاون الخليجي، بدأها بالإمارات وأعقبها بزيارة دولة قطر ثم البحرين حيث شارك في القمة التشاورية الخليجية وانتهت بزيارته للكويت الشقيق، تلك الزيارة أدت إلى مزيد من تعميق الروابط الأخوية بين الدول الخليجية داخل منظمتهم الوحدوية الرائدة. ويتضح من خلال محطات الزيارة، اهتمام خادم الحرمين الشريفين بدعم مسيرة العلاقات الحميمة بين المملكة والدول الخليجية، وهي مسيرة ما زالت تحقق الكثير من أهدافها المرجوة داخل المنظومة الخليجية وفي سائر العلاقات الودية التي تربط القيادة السعودية الرشيدة مع قيادات دول المنظومة؛ من أجل تحقيق أقصى ما يمكن تحقيقه من الغايات والأهداف المؤدية إلى تأطير تلك المسيرة ودعمها. وتؤكد الزيارة في ذات الوقت، أن المملكة حريصة أشد الحرص على بلورة مشروعها الذي أطلقته بتحويل التعاون الخليجي المشترك إلى مشروع اتحادي، فالمملكة حريصة على التسريع لقيام هذا المشروع الهام في ظل ما تعيشه دول المنطقة ودول المنظومة من تحديات لا تكاد تخفى على أحد، ومواجهة تلك التحديات والصعاب تحتم قيام الاتحاد بين الدول الخليجية.من جانب آخر، فإن التكتلات الاقتصادية المشهودة في العالم تدفع دول المنظومة الخليجية إلى التفكيرجديا في إنشاء تكتل اقتصادي خليجي، وأهمية التكتل الاقتصادي بين الدول الخليجية الست سيجعلها من أهم دول التكتلات في العالم، حيث ستكون سادس تكتل اقتصادي له أثره وتأثيره المباشران على مسار الاقتصاد العالمي، وكل المقومات الاقتصادية تشير إلى إمكانية قيام هذا التكتل الهام. الأمة العربية ودول المنظومة الخليجية جزء لا يتجزأ منها، تواجه سلسلة من الأزمات السياسية والاقتصادية، وهي أزمات عصيبة وصعبة لا بد من مواجهة تداعياتها بمزيد من التلاحم والتكاتف والتآزر، وهذا ما ركزت عليه زيارة خادم الحرمين الشريفين أثناء محطاتها، فثمة مخططات ومؤامرات تحاك للأمة العربية وتحاك للمنظومة الخليجية، بما يقتضي مواجهة تلك المخططات العدوانية بمزيد من توحيد الكلمة والصف والهدف. ومختلف المؤشرات السياسية والأمنية والاقتصادية تشير بوضوح إلى أهمية بلورة مشروع الاتحاد، الذي نادت به المملكة وباركته دول المجلس، ولا يبقى لتحقيق المشروع إلا المزيد من التنسيق والتشاور في الكيفية التي يتم بموجبها بلورته وتحقيقه على أرض الواقع الخليجي، وهي مهمة لا بد من تفعيلها بالسرعة المتوخاة؛ لمواجهة الأخطار والتحديات التي تواجه دول المنظومة. الواقع الذي تعيشه دول المنظومة الخليجية يفرض أهمية الاتفاق حول سائر الملفات العربية والخليجية والدولية، والتحدث إزاء ذلك بصوت واحد، يجسد عمق التلاحم بين دول المجلس، ويحول فكرة الاتحاد إلى مشروع محوري يهم مستقبل دول المنظومة الخليجية، ويؤدي إلى تقوية مواقفها السياسية تجاه مختلف قضايا العالم، ويؤدي في ذات الوقت إلى مواجهة الأخطار المحدقة بها. الاتحاد المنشود بين دول المنظومة هو فكرة تجسد روح الجماعة، وهي روح حرصت العقيدة الإسلامية على غرسها في نفوس وعقول وقلوب المسلمين، فالتفرق والتشرذم بين المسلمين لا يؤدي إلا إلى إضعاف مواقفهم وتبعثر صفهم وضياع كلمتهم الواحدة، والقواسم المشتركة بين دول المنظومة لها أثر فاعل في تسهيل عملية الاتحاد وتسريعها لاستشراف المستقبل الواعد للدول الخليجية الست.