شركة الشخص الواحد (1)
جاء نظام الشركات الجديد الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/3) وتاريخ 28/1/1437هـ، وما تضمنه من أحكام جديدة، استكمالاً لسياسات المملكة التي تهدف إلى تسهيل الأنظمة التجارية والإجراءات المتبعة، وإزالة كافة المعوقات التشريعية والتنظيمية، لمواكبة التطورات التجارية والصناعية المتسارعة، على النحو الذي يساهم في تحسين المناخ الاستثماري للمملكة وتنويع الأنشطة الاقتصادية في كافة المجالات والقطاعات، بغية تحقيق التنمية المستدامة للاقتصاد السعودي. ومن بين المستجدات التي نص عليها نظام الشركات الجديد لتحقيق هذه الغاية النص على السماح بإنشاء وتكوين شركة الشخص الواحد، إذ يمكن تأسيس الشركة ذات المسئولية المحدودة وشركة المساهمة من شخص واحد تؤول إليه جميع حصصها، وتكون مسؤوليته عن ديون الشركة في حدود رأس مالها، ويكون لهذا الشخص صلاحيات وسلطات المدير ومجلس مديري الشركة والجمعية العامة للشركاء. وتعرّف شركة الشخص الواحد بأنها: «الشركة التي تتألف من شخص واحد، طبيعيًا كان أم معنويًا، ويكون لهذه الشركة ذمة مالية مستقلة عن الذمة المالية للشريك».ويفهم من ذلك أن شركة الشخص الواحد قد تؤسس ابتداء من شريك واحد، كما يمكن أن تؤول إلى شركة من شريك واحد جراء بقاء شريك واحد فيها. وتقوم شركة الشخص الواحد على الاعتبار الشخصي، إذ أن مكانة صاحب الشركة وسمعته التجارية الطيبة هي المصدر الأساس لائتمان الشركة. ويتم تأسيس شركة الشخص الواحد باتباع طريقة من اثنتين، الأولى: عن طريق التأسيس المباشر. والثانية: عن طريق التأسيس غير المباشر.والطريقة الأولى (التأسيس المباشر) فيها يقوم أحد الأشخاص بإرادته المنفردة بالاتجاه نحو تأسيس شركة من شخص واحد؛ بهدف ممارسة نشاط تجاري. وفي هذه الحالة يتم إنشاء وتكوين شخص معنوي جديد، وبالتالي تخضع شركة الشخص الواحد هنا إلى الأحكام العامة للإرادة المنفردة.والطريقة الثانية (التأسيس غير المباشر)، وفيها تتكون شركة الشخص الواحد عن طريق اجتماع جميع حصص الشركة ذات المسؤولية المحدودة في يد شريك واحد لأي سبب من الأسباب، التي يترتب على إثرها أن تؤول جميع حصص الشركة إلى شريك واحد فقط، وتبعاً لذلك تتحول الشركة إلى شركة الشخص الواحد، ما لم تحل وتصفى هذه الشركة.وقد أرسى نظام الشركات الجديد دعائم وركائز تأسيس شركة الشخص الواحد باتباع هذه الطرق، حيث نصت المادة (154/1) من نظام الشركات الجديد على أنه: «... يجوز أن تؤسس الشركة ذات المسؤولية المحدودة من شخص واحد، أو أن تؤول جميع حصصها إلى شخص واحد....».وفي ذات الشأن، نصت المادة (149) من نظام الشركات الجديد على أنه: «إذا آلت جميع أسهم شركة المساهمة إلى مساهم واحد لا تتوافر فيه الشروط الواردة في المادة (55) من النظام تبقى الشركة وحدها مسؤولة عن ديونها والتزاماتها، ومع ذلك يجب على المساهم توفيق أوضاع الشركة مع الأحكام الواردة في هذا الباب، أو تحويلها إلى شركة ذات مسؤولية محدودة من شخص واحد خلال مدة لا تتجاوز سنة، وإلا انقضت الشركة بقوة النظام». وفي هذا الخصوص نود أن نشير فيما نحن بصدده إلى أن نظام الشركات الجديد قد حظر تأسيس أكثر من شركة شخص واحد، حيث نصت المادة (154/2) من نظام الشركات الجديد على أنه: «في جميع الأحوال، لا يجوز للشخص الطبيعي أن يؤسس أو يمتلك أكثر من شركة ذات مسؤولية محدودة من شخص واحد، ولا يجوز للشركة ذات المسؤولية المحدودة المملوكة من شخص واحد (ذي صفة طبيعية أو اعتبارية) أن تؤسس أو تمتلك شركة أخرى ذات مسؤولية محدودة من شخص واحد». ويعني ذلك أن نظام الشركات الجديد قد نص على تكوين وإنشاء شركة الشخص الواحد ولكن بضوابط وقيود يلزم مراعاتها وعدم الخروج عليها. كما أنه قيد حرية الأطراف في إنشاء وتكوين العديد من شركات الشخص الواحد، وبالتالي فلا يجوز للشخص أن يقوم إلا بإنشاء شركة شخص واحد فقط.وختاماً، سوف نتطرق إلى بعض الجوانب التي شملها نظام الشركات الجديد في مقالات أخرى إن شاء الله تعالى.