جاسم عساكر

«فتاة يعرب»إلى سيدتي الفاتنة (اللغة العربية)

عذراءُ ما هتكَ الزمانُ حجابَهاإلاَّ ليفتنَ بالهوى أحبابَهاتختالُ من ألفِ الجمالِ ليائهِترعى صباها كي تصونَ شبابَهاعنقٌ لها يعلو وصدرٌ ناهدٌوفمٌ، يبلُّ رحيقُهُ آدابَهايزهو بها زيتُ (البلاغةِ) ساهراًحولَ (البديعِ) مُكحِّلاً أهدابَهالم يعهدِ التاريخُ أنثىً مثلَهاأنثىً تبزُّ بحسنِها أترابَهاغمزتْ فأيقظت الصباحَ مُسائلاً:ماذا أسالَ منَ الزهورِ لعابَها ؟!!وأتتْ فراشاتِ الكلامِ بحقلِهاتشكو الخمولَ، فطيَّرتْ أسرابَها وبخصرها نصبَ (البيانُ) خيامَهُو أدارَ قهوتَهُ، وصبَّ شرابَهالم تبقَ من خيمِ الفصاحةِ خيمةٌما ثبَّتتْ في أرضِها أطنابهَاوسعى لها (التعبيرُ) فاتكأتْ علىكتفِ (المجازِ) وأبهرتْ كُتّابَها(النحوُ) ما وقعتْ بهِ أحمالُهُفوقَ الشفاهِ، مقوِّماً (إعرابَها) و(الصرفُ) لم يعثُرْ على أعتابِهابل راحَ يُعْلي في النُّهى أعتابَهاإعجازُها (الإيجازُ) دونَ رطانةٍتُبدي المرادَ، وتتَّقي (إطنابَها)تتقلَّبُ الأفكارُ هانئةً على سُررِ (الخيال)ِ، إذا دعتْ أصحابَهاثقُلتْ عناقيدُ المعاني فانحنتْكي يجتني عشَّاقُها أعنابَهالم تطمسِ (الفيزياءُ) لمعةَ عنصرٍفيها، تشاغبُ بالبريقِ ترابَهايمشي بها (الفعلُ المضارعُ) عابراًسككَ السنينِ مُخلِّفاً أحقابَهاوعلى يديها الفجرُ يلمعُ ساطعاًمذ سلسلتْ في العالميـنَ (كتابَها)وبدتْ تشعُّ على المدى ألفاظُهُدرراً تطرِّزُ للحياةِ ثيابَها كبُرتْ وما شابتْ جدائلُ طفلةٍراحتْ تداعبُ في الفضاءِ سحابَهاتُدعى بسيّدةِ اللغاتِ وحسبُهاأنَّ اللغاتِ تنازعتْ ألقابَهاسالتْ فراتاً في جوانحِ (يعربٍ)فمضى يرشُّ سهولَها وهضابَهافنمتْ زهورُ العبقريّةِ حولَهاملءَ الحقولِ، ووزَّعتْ أطيابَهالله ساقيةٌ أدارتْ كأسَهافِكَراً تفوحُ، ورنَّحَتْ شُرَّابَهاسارَ (الخليلُ) على خُطى إيقاعِهاومضى (ابنُ جنِّيٍّ) يزورُ قبابَهاوبِها (النحاةُ) على مقاعدِ درسِهامذْ درَّسُوها أصبَحوا طُلَّابَهاورنَا لها الشعراءُ.. كلٌّ يشتهيلو أنَّها حطَّتْ لديهِ ركابَهارفعوا منَ الأوزانِ أُسَّ بنائِهاومنَ القوافي شيَّدوا محرابَهاوعلى (عكاظٍ) من روائعهمْ يَدٌكانتْ تُقيم خطيبَها وخطابَهايشدو (لبيدٌ) ملءَ خيمتِها التيشهدتْ هناكَ ذهابَها وإيابَهالغةُ الخلودِ وأيُّ كأسٍ لذّةٍللشاربينَ إذا احتسوا أنخابَها؟؟ما عابَها طولُ السُّرى أو شانَهالا شيءَ فيها شانَها أو عابَها !!عتبتْ على أبنائِها لما انثنَواعن حوضِها مُتجاهليـنَ عتابَهاركبوا الهجيـنَ منَ الكلامِ وما رعَوامجدَ الأصيلِ فضيَّعوا أنسابَهالا حزنَ أوجعُ من مناظرِ روضةٍفيها اغتدى فلاَّحُها حُطَّابَهالا حزنَ أوجعُ من نواحِ حمامةٍإن كانَ سهمُ الحارسيـنَ أصابَهادعني أُحلِّقُ في مدارجِ صوتِهاوأزورُ حارتَها، وأطرقُ بابَهاوأظلُّ أسألُ في معارجِ حيرتي:هل أنتِ أنتِ ؟ وأستفزُّ جوابَهاكنَّا معاً يوماً، وكانَ يقينُنا..ماذا تراهُ أرابَني وأرابَها ؟؟يا أنتِ يا أمّي التي ضيَّعتُهافي الأمَّهاتِ، وقد طمستُ خضابَهاعودي فما زالتْ منازلُكِ التي غادرتِها يغزو الحنينُ رحابَها