أميرنا الشاب محمد بن سلمان: «هل تتحقق الأماني؟»
كتبت وقلت وتمنيت أكثر من مرة بأن يخرج أعضاء الحكومة الكبار من دائرة حرم مكاتبهم ووزاراتهم وهيئاتهم، ويتواصلوا مع العقول خارجها؛ لأن العقول في المجتمع المفتوح كثيرة، ومنها من هو ذكي ومن هو عبقري.. ورائع العبقرية. ومنهم أهل رأي وحكمة وإطلاعات ومعرفة وحنكة. أهمية هذه العقول أنها لما تقدم النصيحة أو الرأي أو المشورة تكون متحررة من قيود وضغوط المركز والوظيفة والمصلحة والمجاملة.. والرهبة.نعم، كانت هذه واحدة من أكبر الأماني عندي، وكنت أدعو الله وأسعى بحيزي الضيق ودائرتي المحدودة لتحقيق ذلك.ولكن لما يشاء الله أن تتحقق الأمنية فإنها تفوق ما تمنيته وطلبته وسعيت له.. كثيرًا.في «جلسة» بمعناها الحرفي طلبها سمو الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد، كان مشهدا وواقع تحقق تلك الأمنية. جلسة طالت لساعات في بيته، بمجلسه، استقبلنا بها ونحن نَفر قليل بغرفة استقبال صغيرة وأنيقة ببساطة حاسر الرأس، وكان من حظي الكرسي بجانبه لامسا عفويته مباشرة ونقل لنا، ببراعة، التلقائية والراحة وأزاح الساتر الثقيل للرسميات والبروتوكول.انتقلنا لغرفة اجتماعات معدة كما يبدو لعمل الأمير مع طاقمه عندما يكون في منزله، وعرض علينا بشاشات كانت تشكل جدران تلك الغرفة كل المعلومات التي تصورنا عرضها من الناحية الاقتصادية وما لم يكن في تصوره ولعفوية الجلسة وصراحتها المفتوحة لم يكن الإخوة ينتظرون انتهاء الأمير من عرضه، بل يتدخلون ويناقشون ويستفسرون ويعرضون الرأي الآخر الذي كانوا يعرفون، وكان الأمير الشاب طيلة الوقت مرحبا باسما راقي التعامل متسلحا بذخيرتين أولا: رحابة صدر واسعة وشغف بالاستماع لكل رأي باهتمام حتى ينهي المتحدث كلامه وربما قاطع وعاود، وثانيًا: سعة معرفية دقيقة ومنطق استدلالي.كما قلت طالت الجلسة لساعات، وقلنا بها كل شيء تمنينا أن نقوله أو نعبر عنه منذ زمن طويل، وإذا نرى أنفسنا مع صانع قرار كبير مباشرة، بلا حاجز ويطلب منا الإفصاح أكثر، وهذا دفعنا فعلا أن نفعل.كان هم تلك الجلسة الأول هو كرامة المواطن والحرص على وضع المواطن الاقتصادي وهو ما يثقل ضمير كل منا وشاهدنا كل السيناريوهات والحلول والتوقعات بالأرقام لها والعوائد المأمولة.إن الله من على الأمير بطاقةٍ وجلد عجيبين، وتعجبت أن يبقى معنا حوالي السبع ساعات بحماسة وهو المشغول طيلة نهاره، كما أن الأغرب عدم مقاطعة الجلسة بأي أمر أو هاتف، إلا مرة واحدة.. طاقة نادرة بحزم وتطلع للمعرفة واحترام عقول من معه وتحري الرأي منهم ومساعدته في تحقيق ما يريد لوطنه.كانت جلسة كما قلت مريحة، ورأيت أني بغريزتي قد رسمت بالقلم الرصاص أمامي ملامح الأمير، سلمتها له مصافحا له ومودعا، وقد كتبت عليها: «المستقبل».