هل هذا الحل الأمثل بعد ثبوت الضرر؟
¿¿أزعم أن الماء آخر شيء نفكر فيه.. يحتل ذيل قائمة المسئوليات.. التصرفات تعمق جور الاستنزاف والإهدار.. لماذا الماء خارج الحسابات؟! الجواب بسيط.. نحن نتعامل مع مورد وجدناه في باطن الأرض.. مورد لا يقدر بثمن.. جعلناه في أدنى مستويات الاهتمام.. وجوده ليس نتاج جهد بشري.. لم يخضع لتكاليف التصنيع والانتاج.. المياه الجوفية أشبه بكنز عثرنا عليه بجانب الطريق.. كنتيجة نصرف منه دون مبالاة.. في نهاية المطاف سيكون نضوبه حتميًا.. لأننا ببساطة لم نستثمره بطريقة رشيدة.. لم نساهم بتغذية هذا الكنز وتنميته.¿¿ دليلي على ما أدعي يأتي من الحقائق.. ماذا جرى لمياهنا الجوفية بسبب أفعال وزارة البيئة والمياه والزراعة عبر تاريخها؟! الإجابة تعزز الزعم.. آخذكم في رحلة معلومات إلى مضارب التاريخ القريب.. خلال خطط التنمية الأربع الأولى.. استغرقت حوالي (20) عاما، (1970 إلى 1990).. بلغ مجموع الانفاق الحكومي على التنمية خلال هذه الفترة حوالي (659) بليون دولار.¿¿ تضاعفت مخصصات الإنفاق على الخطة الثانية (1975-1980) بأكثر من (8) مرات عن الأولى (1970-1975)، بسبب ارتفاع أسعار النفط في تلك الحقبة.. بلغ معدل النمو في القطاع الزراعي خلال الخطة الثانية (3.6) بالمئة.. في الخطة الثالثة (1980-1985) بلغ الإنفاق الحكومي (322) بليون دولار.. بزيادة وصلت (5.4) بالمئة على ما كان متوقعا.¿¿ حققت الزراعة تقدما سريعا خلالها.. حيث بلغ معدل النمو (9.5) بالمئة.. هذا يزيد على ما كان متوقعا في الخطة.. رغم انخفاض إيرادات النفط مع بداية (1982).. انخفض الإنفاق الحكومي في الخطة الرابعة (1985-1990) إلى 133 بليون دولار.. لكن القطاع الزراعي حقق زخما في النمو بلغ (14) بالمئة.. بينما كان إجمالي معدل نمو الدخل المحلي (0.1) بالمئة سنويا.¿¿ في تقرير البنك الدولي عام (1991) بيّن أن التقدم في القطاع الزراعي في المملكة شهد واحدا من أهم الإنجازات الضاربة في العالم المعاصر.. وصل معدل النمو السنوي الزراعي الى (14.5) بالمئة، في الفترة من (1980 إلى 1990).. هذا مقابل معدل نمو بلغ (1.3) بالمئة لدول OECD الكمنولث.. ومعدل نمو بلغ (2.9) بالمئة لمجموعة بقية دول البنك الدول الأوروبية، والشرق أوسطية، والشمال الأفريقي.. هذا النمو كان يفوق بثلاث مرات (4.1) بالمئة معدل النمو خلال الـ(15) سنة السابقة.. جاءت تلك الأرقام في بلد صحراوي جاف.. بلد خال من المياه السطحية.¿¿ هل كانت الوزارة المعنية تعي أبعاد تصرفها ونتائجه على مستقبل الأجيال القادمة؟! كل ذلك النشاط الزراعي كان خارج خطط التنمية.. اجتهاد قاد إلى زراعة عشوائية (زراعة لم تخضع لمعايير خطط التنمية).. ماذا يعني هذا لكم؟! هذا يؤكد أن الماء آخر شيء نفكر فيه.¿¿ الإعانات والقروض أداة أخرى تبنتها الوزارة المعنية.. ساهمت في الزراعة العشوائية والنمو المتسارع على حساب المياه الجوفية.. قدمت الوزارة أكثر من (33) بليون دولار من عام (1970 إلى 1985).. دراسة الجدوى الاقتصادية لأي مشروع كانت شرطا للحصول على قرض.. السؤال.. (كمثال) كيف مرت دراسات مشاريع القمح في ظل عدم جدوى زراعته اقتصاديا؟! يمكن أن تقيس على ذلك.. هذا يؤكد أن الماء آخر شيء نفكر فيه.¿¿ زيادة الرقعة الزراعية عامل آخر ساهم في الزراعة العشوائية.. قدمت الوزارة الأرض الزراعية مجانا.. أيضا شجعت قيام المؤسسات والشركات الزراعية.. بلغ إجمالي مساحات الأراضي الموزعة بموجب نظام توزيع الأراضي البور أكثر من (2.5) مليون هكتار حتى عام 1995.. مقابل (129) ألف هكتار عام (1980) بزيادة بلغت نسبتها (1868) بالمئة.. ماذا يعني هذا لكم؟! هذا يؤكد أن الماء آخر شيء نفكر فيه.¿¿ وزارة البيئة والمياه والزراعة ما زالت تزيد الأوجاع.. أخيرا وضعت ضوابط لتجزئة الأراضي الزراعية التي تم توزيعها بموجب نظام توزيع الأراضي البور.. بدلا من تصحيح الوضع بسحبها، عملت لتجزئتها إلى حيازات صغيرة.. يكفي الإشارة أن التجزئة تتطلب المزيد من حفر الآبار.. هذا يعمق الاستنزاف الجائر.. الوزارة لا تعالج وتصحح.. لكنها تعجل بنضوب المياه الجوفية.. هذا يؤكد أن الماء آخر شيء نفكر فيه.¿¿ توزيع الأراضي الزراعية ساهم بشكل سلبي على المخزون الاستراتيجي من المياه الجوفية.. عجّل بهبوط مستوياتها.. مصلحة البلد والأجيال القادمة فوق كل اعتبار.. أصبحت الزراعة نقمة في ظل اجتهادات لا تضع في اعتبارها مصالح الأجيال القادمة في المياه الجوفية.. علاج الوضع يتحقق بسحب هذه الأراضي بعد أن ثبت ضررها.