نجيب الزامل

نحن شعب المملكة العربية السعودية

قلتها من قبل وسأظل أقولها: نحن، شعب المملكة العربية السعودية، عرفنا وقررنا الآتي:عرفنا أن التوحد معاً قوة وثبات واطمئنان ومحبة يسند الكتف الكتف والروح تسند الروح، وقررنا أن لا نفترق لأننا على حافة جبل شاهق وتحته هاوية، بأيادينا معا نتسلق هذا الجبل وننزل منه مطمئنين لأن كل يدٍ تنتظر وصول اليد الأخرى، وفرقتنا هي السقوط الذي قد لا يخرجنا من قاع الهاوية.عرفنا أننا متجانسون، ليس لأننا نتشابه بالشكل واللون والمنحدر العرقي والانتماء القبلي والمناطقي، بل لأننا طوب مختلف الألوان، فقررنا أن الطوب بألوانه وتعددات شكله يشكل الجدار الوطني الصلد والذي يجعل للطوب فائدة عظمى بدل أن يكون طوبا مرميا متباعدا في الطرقات بلا قيمة ولا نفع ولا معنى وجود.عرفنا أننا بلد لم يعد كما كنا نتصور منذ عقود كجزيرةٍ آمنة ترفل في محيط سلام وأمن.. اكتشفنا أن الجزيرة التي حسبناها آمنة معزولة فيها البراكين التي حسبناها جبالاً مسالمة تطرز آفاق الجزيرة جلالا وشموخَ جمال، فإذا هي تثور وتطلق عقال الحمم، وأن في باطن الجزيرة ألواحا أرضية تنزلق فوق بعضها، ثم تظهر زلزالا على السطح. عرفنا أن العواصف الكاسحة تعصف بجزيرتنا من كل مكان لا تعرف الحدود، ولا تقف عند حاجز الشرطة والجمارك. فقررنا أن نضاعف نحن كأفراد، وعوائل، وشلل اصدقاء، ومجموعات عمل رسمي ومدني، ومجتمعٍ حسَّنا الأمني، وأن تتضاعف لدينا حاسة الشم لأي رائحة خطر، وتتفتح اسماعُنا على الكلمات التي تقود لمصارع الموت، وأن تبعد عندنا حاسة النظر فنعرف زواحف الشر وهي آتية وراء النظر وخلف الإدراك. قررنا أن نقف موحدين لنغير مسار الحمم، ونبني الملاجئَ القوية بالوعي التماسكي المجتمعي والوطني القوي ليمكننا الصمود ضد عاتيات العواصف، سواء أكانت تهب من قلب بلدنا، أم تثور عارمة خارجه.. فتصل إلينا.عرفنا أننا مكوَّنٌ واحدٌ كالماء، وأن التعايش خرافة ايضا من الخرافات كانت صدعا في جدار وحدة الأمة. فالتعايش يكون بين مجموعات مختلفة ومتخالفة تكمن داخلها في الأعماق جذوة نار الاختلاف والوقوف في ضفاف مختلفة، كلٌ يحمي ضفته. نحن مكون واحد مثل الماء، اتحد به عنصرا الهيدروجين والأوكسجين وشكلا مادة جديدة واحدة، لم تعد تنتمي لاختلاف التركيب الذري للهيدروجين ولا الأكسجين، وصارت مكونا كيميائيا بقوام مستقل لا يمت بأي صلةٍ لجزأيه.. لو سمحنا لأحد بعملية كيميائية شريرة فصل العناصر فلن نعود شعبا من أصله، كما أن الهيدروجين لم يعد ماء، ولا الأكسجين، فعادا عنصرين سابحين مستقلين متباعدين لا يمت أي منها بصلةٍ للثاني. وهنا قررنا أن لا نتكلم عن التعايش وكأننا فصائل غريبة، فمهما تعايشنا لن نكون مكوَّناً واحدا بل سيكون المشهد الطافي هو الغرابة نفسها.. وكنتيجة منطقية فإن التعايش مرفوض من أصله إلا إذا اعتبرنا أنفسنا غرباء عن بعضنا، والحقيقة الحيوية والتشريحية تقول إن الجسد الواحد لا يعيش بعناصر متنافرة.. نعيد، إننا قررنا أن نكون الحاصل الفعلي الواقعي أي مكوَّنا واحداً نعيش مع بعضنا بضرورة الحياة والوجود والكينونة نفسها..وإن افترقنا.. فلن نعد نحن.. نكون ذرات غبارٍ تذروه نفخة طفل!