لمى الغلاييني

هذا هدفي للعام الجديد

في كتب الحكمة عبارة تقول: «في البدء كانت الكلمة»، فقد خلق الله الكون بكلمة منه؛ كن فَكَان، ومن خلالها انبثقت كل الأكوان. في بدْء الخليقة وسوس الشَّيطان لأبينا وأمِّنا بكلِمة، فكان الخروج من الجنة، ثم استمر في وسوسته ليلقي لقابيل بكلمة، فقتل أخاه، فهي السحر ذي الحدين، صانع الأحلام الوردية أو السموم السلبية. بناء على قوة الكلمة يمكنك أن تنطلق نحو عوالم أوسع أو أن تكبلك بأغلال ثقيلة، فهي السحر الأبيض الذي يحيي نفوسا ويرسم آمالا مضيئة للمستقبل، أو السحر الأسود الذي يشعل حروبا و يدمر شعوبا. إنها تلك البذرة التي تنمو في أرض شديدة الخصوبة هي العقل البشري، فكل فكرة تزرع بذرة يحتضنها العقل ويتعهدها، لتنمو منها مفاهيمنا وإدراكنا ورؤيتنا للحياة. والجرم الأقسى حين نستخدم التعويذة السامة ضد أنفسنا، فنصب فيها كلاما عنيفا ملطخا بالانتقاد والمقارنة، ونلقي عليها اللوم والتحقير لدواخلنا، فندمر شجاعتنا ونشوه صورتنا الذاتية، ففي كثير من الأحيان نمارس حوارا ذاتيا غاضبا على غرار: «لماذا أتصرف دوما بهذا الغباء؟ كم أبدو قبيحا في ذلك الزِّي، يبدو أنني لا أفهم بسهولة». الكلمة السلبية هي الفيروس الذي يدمر العقل البشري، فيخترق جهازك ويعبث بترتيب الملفات ويشوه المعلومات، فيبطئ عمله وقد تتوقف عملياته بسبب الخلل الفيروسي، وقد يقوم بنشر العدوى لجهاز مجاور، وهكذا ففي كل مرة يتفوه فيها أحدهم بحديث سلبي أو نميمة فإنه سهوا أو قصدا يتسبب في عرقلة الصفاء الذهني والشعور الإيجابي للآخر، ولنتخيل تكرر ذلك الحدث مرارا، مع تزايد عدد القراصنة الذين ينشرون الفيروس، ونوع الكوكب المتشكل من تلك الأنماط من البشر، وتزايد التلوث الناتج عن ذلك. سيكون هدفا جميلا مع بداية العام لأن نعقد صلحا إيجابيا مع كلماتنا، فلا نستخدمها إلا بما يحقق الخير لنا و لمن حولنا، وأن نراقب البذور التي ننوي زرعها في عقولنا أو أذهان من حولنا، فالكلمة الطيبة هي البلسم و الشفاء وهي أولى خطوات الحرية الشخصية. راقب كلماتك واحذر التحدث مع الآخرين بمعاني الفشل أو الإحباط، لأن نطق هذه المعاني سيعمق أثرها في النفس ويحقق توقعاتها.اختر كلماتك بأناقة ونية راقية بأن تعمق معاني القوة والنجاح والسعادة في روحك، وحياة من حولك، واجعل شعارك دوما: «الكلمة الطيبة صدقة».