الكلابية.. المصد الأول لزحف الرمال والغوص مهنة الرعيل الأول
يصف أهالي بلدة الكلابية، التي تحدت زحف الرمال منذ عشرات السنين، والتي تهب عليها من مدينة جواثا الأثرية، يصفونها بـ«الذهبية الطيبة»، التي تحمل معها رائحة الأجداد الأوائل من بني عبدالقيس، وحسب أحد أبناء الكلابية خليفة الزريق، فإن سبب التسمية يعود إلى «بني كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصة»، كما جاء في كتاب تحفة المستفيد بتاريخ الأحساء في القديم والجديد.وقال عدد من الرعيل الأول في البلدة خلال جولة (اليوم) في البلدة، إن بلدتهم مرت بثلاث مراحل جغرافية، وتعود نشأتها لأكثر من 300 عام، وأغلب عائلاتها من أصول نجدية، جاءوا يبحثون عن الماء والزروع، والعمل في مهنة الغوص على ضفاف الخليج العربي على شاطئ العقير وما حوله، فكان محط رحالهم بجانب مدينة جواثا الأثرية، التي اشتهرت بوفرة العيون الفوارة حولها قديماً، ومنهم عائلة آل زريق وينتمون إلى بن نهد بن زيد بن قضاعة -كما يذكر ذلك كتاب جمهرة أنساب الأسر المتحضرة في نجد-. وهناك بدأت قصة حياتهم وتحديهم لزحف الرمال، وعلى مسافة تمتد لأكثر من كيلو متر، زحفت الرمال على البلدة أكثر من مرة، ولم تكن انذاك اشجار توقف الزحف، وليس من حيلة لأهل البلدة سوى التنقل إلى الجنوب، كلما داهمتهم رمال جواثا، حتى استقرت إلى ما هي الآن عليه، وأصبح عدد سكانها يناهز الـ«18» ألف نسمة. يقول ناصر العتوي إن المهن التي تعلمها الرعيل الأول، هي ما اشتهرت به منطقة الخليج العربي، فاشتغل جزء منهم في «الغوص» مع النواخذة في قطر والبحرين والدمام، ويتذكر، «سنة الطبعة» التي راح ضحيتها كثير عام 1343هـ، عندما هبت رياح نشطة تصاحبها أمطار غزيرة، وتعالت امواج البحر في أجزاء كثيرة على ساحل الخليج العربي. وأضاف إلى جانب ذلك امتهن الرجال الزراعة في الحقول، التي تبعد عن البلدة قليلاً، بسبب الرمال الزاحفة، وتربية طيور الزاجل، والمهن التقليدية الأخرى، واشتهر أهالي البلدة بمهنة «الجماميل»، حيث كانوا يحملون على الإبل من الأحساء إلى الدمام والعقير، لتصدير واستيراد البضائع، التي كانت ترسو في الميناء. ولفت إلى أنه بعد اكتشاف البترول، التحق بعض الأهالي بالشركات الكبرى، ومنها أرامكو، إضافة إلى الوظائف الحكومية، والأعمال الحرة. وذكر أحد أبناء البلده نايف الحمود أنه في السنوات العشر الأخيرة، اتسعت الرقعة الجغرافية للكلابية، وضمت أحياء متعددة، ومنها: حي النخيل، وواحة النخيل، وجوهرة الرفاعة، والبستان، والرفعة، والخالدية وغيرها، متوزعة بين الشمال والجنوب، التي باتت تشهد اليوم تمدنا بمختلف النواحي، ففيها المؤهلات المدنية من حيث السكان، والمساحة، وتعدد الأحياء، مع وجود مباني الخدمات التعليمية للبنين والبنات في المراحل الثلاث، والخدمات الصحية، ولجنة التنمية الاجتماعية. وأشار إلى ان عين أم قنيص التراثية تقع في أطراف البلدة من الجهة الشمالية الغربية، وهي مصدر المياه الوحيد آنذاك، وتسقى بها مزارع النخيل الواقعة حولها، وبجوارها تقع قلعة يعتقد أنها كانت حصناً لجنود الدولة السعودية المتتابعة، وقبلها العثمانيون، واتخذت حامية عسكرية، وإلى جانبها كانت عين صويدرة، الكويكب، ولكن جميع الأعين جفت ونضبت. بقي أن نشير إلى ان للعرضة حظا وفيرا في مناسبات الأعياد والزواجات في الكلابية، ويحلو السهر معها إذا كانت القصائد من كلمات شعراء البلدة المعروفين بلوحاتهم الشعرية الجميلة، وبرع في هذا الفن شعراء كثر، منهم: سالم العلي، وعبدالعزيز الرويض، وطريف العبود، وحمد الرناخ، ونافع البَيِّت، وخالد الأحمد، وحمد ودواس السويد، واحتلت قصائد هؤلاء الشعراء مكانة مرموقة بين رواد هذا الفن الشعبي التراثي.