خالد الملحم

محاربة الفساد من أجل التنمية

يعد الفساد من أكثر المعوقات أمام التنمية والتطور، وتعتبر قضية الفساد من الموضوعات المطروحة على ساحة المناقشات الدولية فى العديد من المحافل والمؤتمرات الدولية إذ تتصدر دول عدة فى العالم قائمة أكثر دول العالم فسادا، وذلك وفقا للتقرير الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية، ولذا يعد الفساد قضية عالمية تعانيها كثير من الدول.ولكن ما الذى يدفع الدول الى دراسة الفساد ومتابعته وتحليل عوامله وأشكاله، ولماذا يعطى هذا الاهتمام، فى الحقيقة ان ظاهرة الفساد هى ظاهرة مدمرة للعديد من الجهود المبذولة لتحقيق التنمية، فعندما نتعمق فى مفهوم الفساد نجد انه يعد بمثابة عملية تتضمن اساءة استخدام الوظيفة العامة للكسب وبالتالى اساءة استعمال الموارد العامة لتحقيق المنفعة الخاصة، وهنا نجد ان الفساد يتضمن بلا شك تحقيق مكاسب غير مشروعة لصالح شخص او عدد قليل من الاشخاص على حساب تحقيق المصلحة العامة، وهذا فى حد ذاته يلتهم جهود التنمية، وقد يأتى الفساد فى صور عديدة مثل الرشوة او الابتزاز او استغلال السلطة والنفوذ، ولهذا يعتبر الفساد خروجا عن القواعد الاخلاقية الصحيحة وغياب الضوابط التى تحكم السلوك وغياب الضمير ومخالفة كل قواعد الضبط او الالتزامات الاخلاقية ما يؤدى الى اهدار الحقوق. والفساد بكافة اشكاله وانواعه مرتبط بمجموعة من العوامل الاجتماعية والاقتصادية، ومن هنا نجد ان هناك العديد من الدراسات التى حاولت رصد تلك الاشكال والانواع للفساد والوقوف على العوامل المتعددة التى تؤدى اليه وذلك بهدف محاولة الحد منه والقضاء علية لتحقيق برامج تنموية عادلة تصل خدماتها الى كافة مستحقيها، وعندما نتحدث عن العوامل الاجتماعية للفساد فنحن نتحدث عن السلوك والقيم والعادات التى ترتبط بالموروث الاجتماعى التى لها اهميتها فى تكوين الضمير الانسانى فكلما انخفضت القيم الاجتماعية وتولدت القيم الفردية والمصلحية والأناملية، انحرف الضمير عن المسار الصحيح، وكلما ضعف الوازع الدينى بات الامر سهلا لان يكون الفساد شعارا ومذهبا ومنهجا،.ولا يخفى على احد ان الفساد ينمو ويترعرع فى الاجواء التى لا تعرف الالتزام بالحق او الواجب وينتشر فى الساحات التى لا تعرف غير المادية، ومن اغرب الامور المتعلقة بالفساد ان الفاسدين دائما لديهم المبررات الكافية التى يرون عبرها انهم مظلومون وانهم اصحاب الحقوق دون غيرهم، واغرب من هذا نجد ان هناك فى بعض الاحيان من يتعاطف معهم، وليس هذا غريبا فلكل فكر منحرف ثقافته التى تدعمه وتغذيه، ولهذا فالأمر ليس قاصرا على محاربة الفساد بقدر ما هو محاربة الثقافة التى تثريه وتدعمه، وهنا يجب العمل على محاربة الفساد ليس شعارا بل افعالا، والافعال يجب ان تكون فى صورة اجراءات وخطط حازمة ورادعة، فالفساد الادارى والمالى معوقات حقيقية للتنمية وهنا نؤكد على اهمية تفعيل المنظومة الرقابية وآليات النزاهة والشفافية مع ضوابط قانونية حازمة وتنفيذات فاعلة للقوانين والقضاء على المحسوبية والوساطة واعلاء الضمير الانسانى فى كافة مجالات العمل لتحقيق التنمية واهدافها بصورة مستدامة.