هوية التشكيل السعودي
المتابع للحركة التشكيلية السعودية يدرك أهمية المعارض التي كانت برعاية وتنظيم الرئاسة العامة لرعاية الشباب، خاصة في بداية السبعينيات ونهاية الثمانينيات التي سطع فيها نجم الفنان التشكيلي السعودي، وكان من أهمها المعرض السعودي للفن المعاصر ومعرض المقتنيات ومعرض المناطق.كان لسمو الأمير فيصل بن فهد -يرحمه الله- الدور الكبير في الارتقاء بالفن التشكيلي السعودي، وكان حريصًا كل الحرص على الحضور لجميع المعارض.كانت ردهات قسم الفنون التشكيلية في مبنى الرئاسة العامة لرعاية الشباب لا تهدأ، تغص باللوحات، ودواليب الموظفين مليئة بالملفات للمعارض الفنية، وحركة ديناميكية متوقدة بين الموظفين؛ لمتابعة تلك المعارض والمسابقات، وكانت لا تقبل إلا الأعمال المميزة.حينها بدأت المعارض الخارجية للفن السعودي، وبدأ وهج الفنانين في السطوع، وبدأت المنافسات، وبدأت ملامح الفن التشكيلي السعودي تظهر في أعمال الفنانين المميزين منهم، وهناك كنا نبحث في كل معرض عن لوحة جديدة للفنان خليل حسن خليل الذي كان يبهرنا بخياله الخصب، والفنان علي الرزيزا الذي كان يشوقنا لمدينة اوشيقر بزخارفه المذهبة، وتكوينات بيوته الطينية المطرزة بألوان منقوشة بالحب، لقد نقش فينا حب الأمكنة وأهلها، والفنان محمد السليم الذي كان يعشق الآفاقية ويكرس جهده لتكوين مدرسة خاصة به كما للغرب مدارسهم، كان ينقلنا من اللوحة لمدينة مرات التي يعشقها بحب، والفنان سمير الدهام بتكوينات ألوانه، وعبدالله حماس بجمال ألوانه وتجريد تلك المساحات البيضاء ليجعلنا نعشق اللون بكل تفاصيله، وعبدالله الشلتي وضياء عزيز ضياء وطه صبان وعبدالحميد البقشي، الذي أذهل الكثير من المتابعين والمهتمين بالفنون، حتى بات العديد من الفنانين يبحثون عن سر ذلك الجمال وعبدالله الشيخ وعبدالجبار اليحيا.كانت تلك الفترة الجميلة هي العصر الذهبي للفن التشكيلي السعودي، فالجوائز والمشاركات المحلية والخارجية كانت بالفرز، كانت تُمنح للفنانين المميزين، وكانت تصاحب المعارض الكتيبات الأنيقة التشكيلية للتعريف بالفن التشكيلي، وتصاحب كل كتيب قراءة نقدية للمشاركين.حتى جاء دور قاعات الفنون المنتشرة في بعض مدن المملكة لتسد الثغرة في الفن التشكيلي، لكن ضوابطها تختلف، تفتح الأبواب للجميع للعرض، وحينها ضاعت الهوية، واختلط الفنان بالهاوي، المبتدئ بالرائد، والكل أصبح فنانا.