فهد السلمان

التعصب والمنابع الموحلة

رغم أني لستُ رياضيًا، إلا أنني تابعتُ خلال الأيام القليلة الماضية ومن باب التسلية المشهد الرياضي في بلادنا كما لم يحدث لي من قبل، ونبّشتُ في منصّات التواصل في الكثير من الفيديوهات الرياضية، وتابعتُ عددا من البرامج التي تناقش الشأن الرياضي، وقد خرجتُ من هذه الجولة الإعلامية المكثفة بجملة من المشاهدات، ولا أقول الحقائق لأنه ليس من حقي أن أدّعي ذلك، ومنها: • إن كل المهتمين بالشأن الرياضي يتحدثون في وقت واحد، لذلك لا أحد يُنصتُ لأحد، سواء من يُشاركون في البرامج الحوارية، أو من هم في تويتر أو غيره من مواقع التواصل، لذلك هم يتجادلون لا يتحاورون.• إن بوسع كل واحد أن يقول الشيء ونقيضه دون خجل طالما أنه يغني على ليلاه، حتى وإن فضحته المدوّنات لأن أنصاره في بازار التعصّب سيحملون كل هفواته. • أنهم يبدّلون آراءهم على مدار الحلقة كما يُبدّل اللاعبون قمصانهم.• أن من يمتدحونه اليوم لن يكون بمنأى عن أن يشتموه غدا، فرياح الهوى هي من يحدد حالة الطقس والمزاج حبا أو عداه.• كلُّ يتعصّب لناديه، وضد غريمه، وتتعادل عنده كفة تمني الخسارة لمنافسه التقليدي مع كفة أمنية الفوز لفريقه إن لم ترجح بها. • إن غير المتعصب هو الشخص الذي لا يعرف أسماء الفرق ولا ألوانها. • إنه لا ثوابت ولا معايير في قيم الرياضة، فما هو معيب هنا ليس بالضرورة أن يكون معيبا هناك، الأمر يُحدّده الانتماء واللون واللحظة والغاية. • إن الروح الرياضية هي أكبر أكذوبة تمّ توظيفها كالمكياج على وجهٍ دميم ومشوّه. • إن مجال الرياضة قد تحوّل إلى ما يشبه منشر الغسيل لأحقاد البعض وأمراضهم وضغائنهم.• إن الحقد قد أصبح جزءا من الانتماء، فلا يكفي أن تحب الفريق (س) إن لم تكره بنفس الساعة الفريق (ص). • والمضحك أن الجميع يفتش عن أسباب التعصّب الرياضي، ويعلن على الملأ مقته لأساليب الشحن والاحتقان، وينسى أنه أحد تروس هذه الآلة الصمّاء التي لا تسمع سوى صدى نفسها، والتي لو تحوّل ضجيجها حليبا لأرضع الكرة الأرضية، ولو تحوّل ماءً لفك أزمة العطش وأغرق الربع الخالي، وربما حوّله وحلاً.انتهتْ مساحة الزاوية، ولم تنته المنابع الموحلة.