انيسة الشريف مكي

حالة استنفار!!

لا أبالغ إن قلت إن بعض الأسر تعيش فترة الاختبارات على طريقة المعارك الحربية، قرارات عسكرية وأوامر مفروضة، ناهيك عن القلق والتوتر والشعور بالخوف من بعبع الاختبار الذي ينتاب الطلبة ويؤثّر بشكل كبير على ثقتهم بأنفسهم، وعلى همّتهم وجديّتهم في الدراسة.أقول للأهل: لماذا زيادة الضغوط المسببة للقلق، والذي من تأثيره السلبي، بناء على الدراسات التربوية، يؤثر على العمليات العقلية، فعلى الذاكرة مثلاً: يقلل من كفاءتها بحيث لا تستطيع التركيز، ولا تستطيع الاحتفاظ بالمعلومات الواردة للمخ، ولا تستطيع استعادة المعلومات المختزنة. أما على التفكير فيؤثر كثيراً على القدرة على التفكير السليم، ونتيجة ذلك تحدث حالة تسارع للتفكير دون سيطرة، أو تحدث حالة انغلاق وتوقف. زد على ذلك الأعصاب المشدودة والخلافات التي تحدث نتيجة التوتر بين الوالدين وما يترتب عليها من أزمات تزيد الأمر تعقيداً، فتزيد معها حالات القلق مما يحد من استيعاب الطلبة والفهم. علينا، كأسر، فهم الحالة النفسية لأبنائنا الطلبة لأنها تؤثر سلباً وإيجاباً في درجة استعدادهم للاختبار. وأيضاً يجب عدم المقارنة بين الأبناء، وأبناء الجيران، والأقارب، حتى لا يقعوا تحت تأثيرات سلبية حول الذات، فيشعرون بالدونية وعدم القدرة على تحقيق نتائج إيجابية، ولا ننسى أيضاً مراعاة الفروق الفردية فكل فرد يتميز عن غيره بفروق خاصة في النواحي الإدراكية والانفعالية مما يجعلهم مختلفين فيما بينهم من ناحية الفهم والتحصيل، فلا نفرض عليهم نظاماً واحداً بأن نحدد ساعات دراسة متساوية، أو نطلب منهم ما لا يقدرون عليه فكل طالب قدراته تختلف عن الآخر. حبذا لو اعتمدنا أسلوب غرس الثقة، وحب المنافسة الشريفة في نفوسهم وتشجيعهم لرفع معنوياتهم. أتمنى جعل البيت حديقة مزهرة بالود، والحب، والتقدير، وتعزيز المفهوم الإيجابي من الاختبارات التي هي المقياس الحقيقي للمعرفة، هي وسيلة لقطف أجمل الزهور وألذ الثمار لا مسألة حياة أو موت.أكرر: لماذا كل حالات الاستنفار هذه في كل بيت؟! لماذا لا تسير الحياة طبيعية بشكل هادئ بين الوالدين؟! ولماذا لا يُهيأ البيت بأن يكون بيئة مناسبة للمذاكرة، لا للأوامر العسكرية والضغوط والتخويف والتهديد والعيد كما تفعل بعض الأسر. نحن أسباب كل هذا التوتر، وعلينا تغيير نظرتنا للاختبارات، واعتبارها فرصة طيبة لغرس القيم والإيجابيات في نفوس الأبناء بالاستعداد للاختبار من بداية الدراسة، وبذل الجهد طوال العام الدراسي لتوفير الكثير من المعاناة. مع تمنياتي لأبنائي الطلبة والطالبات بالنجاح وتهنئتنا سلفاً.