الاستشارات الاقتصادية الوطنية
إن التخطيط ووضع البرامج التطويرية للدولة يحتاج إلى متخصصين ومراكز دراسات علمية، تقوم بمهمة أخذ الاحصائيات واستدراج التجارب العالمية، ومقارنة الواقع المحلي والقوانين السائدة في البلد، ومن ثم تحليل المعلومات؛ لغرض الوصول إلى توصيات علمية وواقعية تتلاءم مع طبيعة البلد وكذلك الإمكانيات المحلية المتاحة، وفي نفس الوقت الأخذ بالاعتبار التدرج بتنفيذ التعديلات بما يتوافق مع الوضع الاجتماعي للشعب. إن التطوير الاقتصادي والتنموي الذي تعيشه بلادنا الكريمة أمر إيجابي يستحق الشكر والتقدير، حيث يهدف بعناصره الرئيسية إلى عدم الاعتماد على النفط كمصدر دخل رئيسي للدولة، مما يعني تنويع مصادر الدخل، وكذلك تنمية الصناعة الوطنية بالإضافة إلى زيادة المكون المحلي في المشاريع سواء في قطاع الإنشاءات أو الاقتصاد أو الخدمات وغيرها، مما ينتج عنه عدم خروج الأموال الوطنية إلى الخارج ولكن تبقى تدور داخل حلقة الاقتصاد المحلي، ولا شك في أن هذا التوجه جميل وإيجابي، ولكن يتوجب أن تقوم دور ومراكز الدراسات الاقتصادية والهندسية الوطنية بالدور الرئيسي في وضع الخطط التطويرية للمملكة العربية السعودية، حيث يوجد لدينا- ولله الحمد- عدد كبير من أبناء الوطن المتخصصين علميا وتطبيقيا في هذه الأمور، سواء كانوا أصحاب مراكز بحثية أو أساتذة جامعات أو مهندسين مارسوا الحياة العملية داخل بلادهم وهم أعرف بواقع وإمكانيات المجتمع المحلي... أما الشركات الاستشارية الأجنبية فهي تملك خبرات وإمكانيات كبيرة، ولكنها قد لا تعرف جيدا الواقع المحلي وطبيعة الشعب، لذا يفضل أن تشارك الشركات الاستشارية الأجنبية مع المراكز السعودية لوضع الخطط والمقترحات حتى يستفاد من تجاربها وخلفيتها العلمية. إن التخطيط والتطوير الوطني يحتاج أيادي محلية ذات قدرات علمية ومهنية لتضع التوصيات والمقترحات الواقعية التي تتوافق مع طبيعة امكانيات البلد، لغرض تحقيق التنمية المستهدفة في جميع المجالات، ونرى عدم تكليف الشركات ودور الاستشارات الأجنبية وحدها للتخطيط الرئيسي للدولة؛ لأنها قد لا تعرف بدقة طبيعة الشعب ومنهجية حياته الاجتماعية والامكانيات المهنية لأبناء البلد، مما يجعل التخطيط والتوصيات نظرية وقد لا تتوافق مع الحقيقة الموجودة على أرض الواقع... وإلى الأمام يا بلادي.