محمد السماعيل

العطيشان ودورهم البناء

في مسيرة هذا الوطن العملاق وتاريخه المضيء بالبطولات والفروسية والتضحيات كثير من الرجال الذين قدموا أنبل الأعمال في سبيل المساهمة الفاعلة في بناء وطننا، وذاكرة التاريخ تحتشد بكثير من التفاصيل لمواقف ربما لا تخطر ببال كثير من أجيال هذه الأيام. في تلك التفاصيل الكثيرة للذاكرة التاريخية، توقفت مستمتعا بقراءة سفر تاريخي لسير ذاتية، لثلاثة من أبرز المساهمين في خدمة الوطن والعمل بجانب المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود «طيب الله ثراه» وأبنائه الملوك من بعده، وذلك بحصولي على هدية قيمة كتبها الإعلامي عبدالعزيز البدر، تتمثل في كتابه «صفحات مشرقة في تاريخ الوطن.. محمد وتركي وصالح العطيشان» وهم أبناء عبدالله بن تركي العطيشان. الكتاب من كتب السيرة الذاتية، التي تمت كتابتها بعناية ودقة، وأحداثها عن مسيرة هؤلاء الفرسان الذين قدموا أغلى ما يملكون لخدمة وطنهم في مرحلة البناء الأولى على يد المؤسس «طيب الله ثراه». العطيشان عائلة عريقة، امتدت خدمتها للوطن عبر التاريخ المعاصر إلى يومنا هذا، من خلال أبنائها الذين عملوا في كثير من القطاعات التنموية بكل كفاءة واقتدار، وكتبوا بأحرف من نور إلى جانب غيرهم من العائلات الكريمة أنصع الأعمال الجليلة في الواجب الوطني.يشير الكتاب إلى أن عائلة العطيشان أنجبت شخصيات مهمة، إذ تولى أفرادها وظائف كبيرة وحساسة، ومن أعلامها الشيخ محمد بن عبدالله العطيشان الذي كان من المقربين للملك عبدالعزيز، وقد عمل في قطاع الأمن وبرع فيه، وبأمر المؤسس أسس شرطة الرياض، وساهم شقيقاه تركي وصالح في ذلك، وكان النواة الأولى للأمن في المملكة. كان تركي العطيشان أول من لبس البدلة العسكرية بأمر من الملك عبدالعزيز، الذي أراد أن يرى نموذجها على أحد العناصر العسكرية، وقد التحق بحرس الحدود في جدة قبل أن ينقل الى شرطة الرياض ثم الى إمارة رأس تنورة التي أصبح فيما بعد أميرا عليها، ومثل شقيقيه أسهم صالح العطيشان بذات الجهد والتفاني في خدمة الوطن والدولة، فقد استقال من العمل في شرطة الرياض واتجه للتجارة غير أن نداء الواجب استدعاه ليعمل مديرا للهيئة الملكية للمشاريع الحكومية في المنطقة الشرقية، ثم تولى إمارة رأس تنورة إضافة الى أعمال إدارة المشاريع الحكومية ومتابعتها. الكتاب يظل ذاكرة تاريخية مليئة بالتفاصيل والأحداث الشيقة خاصة فيما يتعلق بالمنطقة الشرقية وجهود بناء الدولة، وهو جدير بالقراءة؛ لما فيه من دقة عالية في التوثيق والرصد وتناول أحداث ومواقف ربما لا تتوفر في غيره، رحم الله أولئك الرجال الأفذاذ، فما قدموه لوطنهم ومجتمعهم كثير ويستحق الوفاء له ومعرفته وإنزاله منزلة التكريم والجدارة الوطنية.