حياتنا وقانون القطبية
تنتاب معظمنا أوقات مضطربة واستثنائية، ندرك فيها أن الوسائل القديمة والأدوات المستخدمة لن تنجح لإدارة المرحلة القادمة، وأن ما أوصلنا إلى هنا لم يعد مجديا ليوصلنا لهناك، وفي تلك الحالة من اللايقين نميل بالفطرة إلى أن نبقى في أمان وألا نتحمل المخاطر ونتجنب مواجهة تحديات التغيير، ولكن مهما تجاهلنا أو أنكرنا، فلا بد لكل نمو من ثمن ندفعه مقدما.سيكون هناك دوما قائمة طويلة من المبررات للتأجيل والانسحاب، كعدم وجود المال، أو قلة توافر الوقت، أو نقص التدريب، أو غياب الدعم، ومهما كانت قوة تلك الأسباب فلا بد من الإبحار ومغادرة الميناء الآمن، لبدء الرحلة بشجاعة وتفاؤل.عندما ننظر لأية قصة ناجحة نجد انها تتضمن دائما فترة من الشك أو زمنا من التجربة، تترنح فيه بين القطبين حتى تستقر، وهذا التقاطب هو المعنى الأهم في قانون الحياة، ويعني تناقض الأضداد، مثل القطبين الشمالي والجنوبي، والساخن والبارد، والظلام والنور، ولكي نعرف الخير يجب علينا أن نفهم الشر، ولكي نصل للفوز لا بد ان نمر بمحاولات الفشل، ولا يمكن لأحد أن يدرك معنى شعور ما دون أن يجرب نقيضه.ما من شيء إلا وله قطب مضاد، وأي شيء يتحرك له إيقاعه المتأرجح، يعلو ويهبط كالمد والجزر، ويتذبذب من قطب لآخر كالبندول، فالنهار يعقبه الليل، والذهاب يعقبه الإياب، التقدم يعقبه التراجع، التوتر يعقبه الاسترخاء، وكل علو يتلوه انخفاض، والعمل تعقبه راحة، الفرح يعقبه حزن، والولادة يعقبها موت، والعسر يعقبه اليسر.علينا أن نتعلم الصبر ونتدرب على الأناة، وأن ننسجم مع إيقاع الأقدار، ونتحرر من القبض على مجريات الأحداث بتوتر وقلق، لأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن النصر مع الصبر، والفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا.حين لا يفهم البعض قانون القطبية، سيعتقد حين تصعب الأمور أنه في المكان الخاطئ، أو الاتجاه الخادع، وقد يقرر التوقف او الاستسلام، لكنه حين يتيقن من سنة القطبية في الكون فسيشعر براحة أكثر خلال الرحلة، وسيُصبِح مستعدا أكثر للمثابرة، ومتحمسا لمواصلة رحلة تحقيق الحلم.