نجيب الزامل

نجيبيات رمضان

في جدة كان لا بد أن ألتقي -رغم زحمة الجدول- بمفكر تحت الأضواء واسمه حمزة، تعرفت عليه مصادفة في رحلة جوية، وصار أحد الأصدقاء الذين يحلو لي أن أسميهم أصدقاء الفضاء.ثم جمع بيننا اهتمامنا، وليس بالضرورة حبنا، لشخصيتين أدبيتين تاريخيتين هما الجاحظ، وأبو حيّان التوحيدي. ومجلب اهتمامنا الأول بالشخص الأكثر غموضا حيث لا يعرف متابعو الأنساب عنصره الحقيقي أهو عربي أم فارسي وهو التوحيدي الذي أكثر ما عرفناه في كتابه الذي يحمل ذات الغموض بسبب كتابته وبقائه مدونا سريا لفترة.في التوحيدي أمور كثيرة أود يوما إفراد مقال له. على أن صديقي حمزة كان يتحدث عن التشابه التاريخي في النزاع الطائفي والمذهبي الذي فتك في الفكر الاسلامي ومزقه حروبا وتطاحنا، وتعجب حمزه من ركود التاريخ، وكان رأيي أن ركود التاريخ ليس صفة له، بل هو بسبب من لا يتعلم من دروس التاريخ. انظروا، إن التوحيدي كان يصف ويحذر من انتشار فرق جعلت الناس حيارى ومجرورين بالتبعية بسلاسل تكبل العقول. فمما ذكر من النحل والمذاهب المتطاحنة وتعييب كل مذهب: النصيرية، والجارودية، والرافضية، والراوندية، والقرمطية، والأشعرية، والقدرية، والخوارج.. ويقول التوحيدي: فشمت بأمة الإسلام واغتنم فرقتهم اليهودُ والنصارى.هذا قبل ألف عام، ولن أقول ما أشبه اليوم بالبارحة، بل أقول اليوم على كل مسلم واجب العودة للإسلام ببساطته وسماحته واعتداله ومحبته وإنسانيته العامة، بما ورد بأصل مصدريه الكتاب والسنة.. وترك ما عدا ذلك.طاب صيامكم.