نجيبيات رمضانية
النزاع غريزة مبعثها الغضب، وبالتالي عواقبه لا تعتمد على العقل المنطقي. ولكن التراضي أثناء الزعل واحد من أرقى فنون التعامل الإنسانية، بل هو ذكاء وشجاعة وحكمة عُجنت معا. في فن التراضي أثناء النزاع يجب أن يُترك بابُ الخلاف مواربا ولا يصفع تماما حتى يمكن المراجعة والتراجع والمصالحة، وذلك بتوازن نفسي أخلاقي بين الحدة والشدة والصفح والحلم. ومثل ذلك من تاريخنا الإسلامي، لما شكا الحجاج لعبدالملك بن مروان بأنه حمى رجلا كان الحجاج سيعاقبه بقسوة، فرد عبدالملك على الحجاج: «لك أن تكون أنت للشدة والغلظة، وأكون أنا للرأفة والصفح، فيستريح الناس ما بيننا». وما وجدت أرقى من هذه الجملة في فن إدارة الخلاف والنزاع.ولما وقع اختلاف بين الحسن وأمه بنت الرسول صلى الله عليه وسلم فاطمة، وبين أخيه غير الشقيق محمد بن الحنفية، كتب محمد لأخيه الحسن: «أبي وأبوك علي لا نتفاضل به، أما أمي فهي امرأة من بني حنيفة، وأمك فاطمة الزهراء، فلو مُلئت الأرضُ بمثل أمي لكانت أمك خيرا منهن جميعا. فأقدم أنت حتى تترضاني.. فإنك أحق بالفضل مني». وبالفعل قدم إليه الحسين وأرضاه.يا لعبقرية وحكمة إدارة الخلاف.. يا سلام!طاب صيامكم