في انتظار الخيار السلمي
وأكد الناطق الرسمي بلسان المؤتمر في تصريح لوكالات الأنباء والصحافة وقنوات التلفزة أن التسوية السلمية هي الخيار الوحيد الذي اتفق عليه ممثلو الدول المشاركة في المؤتمر الذي ستستمر جلساته لأيام. يَرد الكلام السابق بصيغ مختلفة ومتعددة مع ثبات المضمون في تصريحات السياسيين حول أي نزاع في العالم خصوصا في المنطقة العربية «أم النزاعات والصراعات». الخيار السياسي السلمي هو الذي يصر ويؤكد عليه كل من يتدخل أو يلعب دورا مهما يكن حجمه بهدف إيجاد حلول لما يندلع من نزاعات أو أزمات تعكر صفو العلاقات بين دولة وأخرى أو بين عدد من الدول. لكن الجلي والثابت إلى حد كبير هو أن الحل السياسي السلمي صعب المجيء، أو أنه قد لا يجيء أبداً لأن هناك دائما من يبذل قصارى جهده ليضع في طريقه كل العقبات والعراقيل والمعوقات الممكنة والمتخيلة وغير المتخيلة، ويقذف العالم في حالة انتظار لمجيئه، مشحونة بالتوتر والقلق والمخاوف، ليثبت في النهاية «عبثيتها» كانتظار «غودو» في مسرحية صاموئيل بيكيت. الأخذ بالخيار العسكري واللجوء إلى العنف هو الأسهل، وهو الذي لا تنعقد اجتماعات طويلة لمناقشته، فغالباً ما يأتي مفاجئاً، لأن قرار الأخذ به يحاط بجدران صلدة من السرية، ثم ينفجر خبر مدو عن اندلاع الاقتتال بين الاطراف المتنازعة التي قد تكون اختلفت على العديد من خيارات السلام واتفقت جميعها على ألا حل لما بينها من مشاكل إلاّ عن طريق فوهات المدافع وراجمات الصواريخ والقذائف التي تصب على الرؤوس من السماء. إن كفة الخيار العسكري كثيراً وغالباً ما ترجح في ميزان التنافس مع الخيار السلمي، رغم أن الأخير هو الأكثر تكراراً في التصريحات والبيانات، وظهوراً في الصفحات الأولى، وتصدراً لعناوين الأخبار التلفازية والإذاعية، لدرجة أن المؤتمرات والاجتماعات التي تصدر عنها تلك التصريحات تبدو وكأنها في حقيقتها تحضير للحرب وليس من أجل الوصول الى حلول سلمية للمشاكل والأزمات التي تعقد لمناقشتها.يبدو أن كل ما يقال عن الحلول السلمية عند اندلاع خلافات بين أي أطراف ليس إلا تمويها للنوايا العدائية وتأهباً للاقتتال.