خالد الشريدة

التصافي في أعيادنا

المناسبات الدينية والاجتماعية فرصة ثمينة لتعزيز الحس الإنساني واكتشاف أفضل خصال وسمات الإنسانية لدينا، أي أن نحفز الخير الكامن في داخلنا ونهزم الشر الذي يمكن أن يتحرك مع أمر النفس بالسوء، وليس من فرص مناسبة أكثر من الأعياد التي يمكن أن تعمل على تهذيب النفوس بصورة عميقة وحاسمة بحيث نستبدل بعض ما يمكن تفسيره شرا أو سلبا بآخر إيجابي ينتمي الى الخير والفضيلة.حين نتسامح ونعفو عن بعضنا في الأعياد فذلك مؤشر لتعزيز الإنسانية وتغليب الخير ونبذ الشر، فالارتفاع بالفضائل وكبت الرذائل من الأهمية بحيث يجعلنا ذلك أكثر اتفاقا مع مطلوبات الخيرية الإسلامية، لأن المسلم حكيم ورزين ومتزن سلوكيا وأخلاقيا، وقد يتعرض لبعض الهزات التي تفقده توازنه عند الغضب أو المشكلات العارضة ولكن لا يمكنه أن يستمر على واحدة من السوء كأن يكون عدوانيا أو كاذبا أو ظالما أو عنيفا طوال الوقت، ذلك لا يليق بمؤمن أو مسلم، وإنما الرقة واللطف والتسامح والصبر وكل قائمة الفضائل هي من شيم الفرد المسلم الذي يجب أن يقدم نفسه وفقا لمزيج شخصي من تلك الصفات وأكثر منها.حين تتصافى الأنفس في العيد ويقبل المتخاصمون على بعضهم بكل ود وتسامح فإنهم يستجيبون لمتطلبات دينية وإنسانية الى جانب الأعراف والقيم الاجتماعية، وليس في التسامح خاسر، أي لا يمكن أن يشعر أي طرف بأنه قدم تنازلا أكبر من غيره، بل بالعكس فإن من يتنازل أكثر يعظم أجره ويكبر قدره ويؤكد أنه أكثر حكمة وحنكة وتوازنا، فالأمر أشبه بحلبة سباق أخلاقية يكسب فيها الأكثر التزاما بالقيم والمثل والعمل بما يحقق الصفاء ويذهب كدر النفس ويجعل الجميع في حالة من السعادة، لأننا نفضل ألا نكون في أوضاع عدائية مع بعضنا بحيث يضمنا مجلس واحد وبين هذا وذاك خصومة لا يكلم فيها أحدهما الآخر أو حتى يبتسم رقة وتلطفا.حين يقول رسولنا الكريم «تبسمك في وجه أخيك صدقة» فذلك أدعى لأن نبتسم من القلب ونقبل على بعضنا بكل الحب والتقدير دون إساءات أو كراهية، فكما نزرع فإننا نحصد، ولذلك فمن الجميل أن نزرع أفضل البذور لنحصد أفضل الثمار من الحب والإخلاص والصدق والصفاء والنقاء، ودوما لدينا في ديننا الحنيف وأخلاقياتنا الاجتماعية مبادئ وقيم يجب أن نحرص عليها ونعززها في كل فترة وأخرى كما في الأعياد التي تجسد روعة الجمال الإنساني والوقوف مع النفس لتهذيبها وإلزامها بأفضل السلوكيات ومكارم الأخلاق.