كيف تكتشف جمالك؟
دخل علي أكثر من زوج يشتكي من كثرة صرف زوجته على عمليات التجميل، حتى تظهر بشكل جميل أثناء تصوير نفسها في الإنستجرام أو السناب، وفي بعض الحالات التي عرضت تشتكي الزوجة من صرف زوجها على شكله وجسده وعضلاته وملابسه أكثر من الصرف على بيته وأولاده، فهل صرنا نعيش في زمن انقلاب القيم والمفاهيم؟ وهل صار الناس اليوم يهتمون بالجمال الخارجي أكثر من اهتمامهم بالجمال الداخلي؟ قال لي أحد الأزواج إن أكثر من نصف راتب زوجته يذهب على عمليات التجميل؛ لأنها تريد أن تكون مشهورة في الشبكات الاجتماعية. وكثير ما كنت أستغرب من أزواج وزوجات فضلوا الشهرة وتجميل أشكالهم على استقرار أسرتهم والحفاظ على بيوتهم، حتى قالت لي زوجة يوما: أنا يدخل علي بالشهر بسبب عرضي لأزياء المحجبات بالإنستجرام أكثر من 5000 دينار، فصرت لا أحتاج لزوجي أو لبيتي واستغنيت عنهم. وبدأت مثل هذه الحالات تكثر في واقعنا، صرنا نعيش في زمن تتزين فيه المرأة بالساعات من أجل الخروج لتناول القهوة مع صديقاتها أو الخروج لعملها، بينما زوجها بقربها لم تتزين له إلا في أول أسبوع من شهر العسل، والزوج كذلك يتجمل ويتعطر من أجل العمل والذهاب لأصدقائه ولا يفكر أن يتجمل لزوجته، بل وتجد الشباب يهتمون بأجسادهم ويشتركون في أغلى الأندية الصحية؛ من أجل بناء عضلاتهم ويصرفون أموالهم من أجل أغلى الثياب وبعضهم يذهب لعيادات التجميل ولا يصرفون ساعة من وقتهم من أجل جمالهم الداخلي. من يذهب لعيادات التجميل يرى الازدحام الشديد على المواعيد، وبدأت صناعة عيادات التجميل تدخل في المنافسة التجارية، علما بأن الإنسان بعد موته تذكر أعماله الطيبة ونفسه الكريمة أكثر مما يذكر الناس جمال وجهه وأناقة ملابسه، وكما قيل «الملابس لا تصنع الرجال»، فالناس صارت تحكم على المظاهر لا المخابر، وهذا المعيار ينبغي أن لا يغشنا ونسير خلف الناس، وكما قيل «ليس كل ما يلمع ذهبا»، فقد يحرص على الجمال الخارجي أكثر من يتقدم به العمر حتى يقنع نفسه بأنه ما زال شابا، ولكن لا ينبغي أن يكون هذا على حساب اهتمامه بالجمال الداخلي.إن الجمال الداخلي هو الأساس ويتبعه الجمال الخارجي، وليس العكس صحيح، فالجمال الداخلي هو جمال الروح والقلب والنفس، فأولها جمال الروح ويحصل الجمال من خلال اتصالها بخالقها الجميل، فالله جميل يحب الجمال وتزداد الروح جمالا كلما اتصلت بخالقها أكثر من خلال المحافظة على العبادات وحسن المعاملة حتى يزداد الإيمان، وثانيها جمال القلب ويكون في سلامته من الأحقاد والحسد والغل والكراهية حتى يكون قلبا سليما، وعندها يكون مرشحا لتحقيق رضى الله - عز وجل - كما قال تعالى (يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم)، وثالثها جمال النفس فيكون من خلال حب العطاء والثقة بالنفس والابتسامة الدائمة وعدم مقارنة النفس بالآخرين واستمرار التفاؤل والإيجابية في الحياة. ومثل ما يحتاج الجسد للاهتمام والرعاية من أجل المحافظة على جماله وصحته، فكذلك الروح والقلب والنفس تحتاج لرعاية دائمة وعناية حتى نحافظ على جمالها، والأصل أن يهتم الإنسان بجماله الخارجي والداخلي ولا يهتم بأحدهما على حساب الآخر.