التغيير والتطوير
التغيير والتحول سنة الحياة وسمتها، فبه يكون التطوير إلى الأفضل في كل شيء سواء من خلال تطوير الذات أو تطوير الصناعات والمنشآت بشتى أنواعها ونشاطاتها. وينطوي تحت التغيير التعلم والتعليم المستمر الذي يعد داعم المعرفة والقيمة التراكمية المضافة للإنسان نحو ما يعرف اليوم باقتصاد المعرفة. ولا يمكن أن يتطور الإنسان إذا كان يقاوم التغيير والتطوير الهادف إما لشكه فيه أو خوفه منه أو لعدم الرغبة فيه. وقد أشارت دراسات عديدة الى وجود علاقة عكسية قوية بين مقاومة التغيير وتطوير واصلاح المؤسسات الربحية وغير الربحية على حد سواء، فكلما كانت اداراتها وموظفوها يقاومون التطوير والتغيير الموضوعي الإصلاحي الهادف زادت احتمالية فشلها وخروجها من السوق بسبب عدم مواكبتها وعدم تكيفها مع المتغيرات البيئية الطارئة سواء المحيطة بها أو البعيدة عنها. وليكون التغيير والتطوير في مؤسسات الأعمال الربحية وغير الربحية ثقافة تتعاقب عليها الأجيال لابد من تنميته وترسيخه بين جميع الموظفين، وذلك بتشجيعهم على الابداع والابتكار لمواكبة التغييرات في بيئة الأعمال، وذلك من خلال سياسة الباب المفتوح بين الإدارة والموظفين. وللادارات العليا في الشركات الربحية والمؤسسات الحكومية الخدمية دور أساسي في نجاح التغيير والتطوير، حيث لم تعد سياسة «لا تحرك ساكنا» مناسبة لبيئة أعمال اليوم؛ لأن العالم يتغير بوتيرة معقدة ومتسارعة لا تعطي المتأخر عن ركب التغيير والتطوير الفرصة للتسويف والتأجيل. وبالتأكيد ادعو إلى خروج إدارات الشركات والمؤسسات الحكومية من ثقافة «لا تحرك ساكنا» التي جمدت الفكر الإداري والابداع والابتكار والمبادرة فيها مما يجعلنا نتحسر على ضياع الفرص المتاحة للشركات الوطنية نحو المنافسة العالمية إذا كانت مواكبة ومتكيفة مع البيئة المتغيرة للأعمال العالمية.ولقد تبنت الجامعات المتميزة في الدول الصناعية المتقدمة العديد من البرامج والمقررات الدراسية في التغيير مثل مقرر إدارة التغيير، ومقرر التطوير الإداري، ومقرر الابتكار، ومقرر الابداع، ومقرر المنظومة المتعلمة، وكلها قائمة على أساس التغيير الهادف والفاعل لتحسين أداء شركات ومؤسسات القطاع الخاص. ويقوم تخصص إدارة التغيير على تطوير الفرد وفريق العمل والمؤسسات بما تتطلبه المنافسة من قدرات ومهارات ومعرفة تنافسية متميزة في الحاضر والمستقبل. وهناك متطلبات يجب توافرها لتنفيذ التغيير المطلوب بسلاسة ونجاح بأقل ما يمكن من مقاومة للتغيير من الموظفين. وأبرز هذه المتطلبات أهمية التزام الإدارة العليا بدعم التغيير معنوياً ومادياً، وذلك بتوفير الموارد البشرية والمالية اللازمة لتنفيذ خطة التغيير التي تحقق الأهداف المخطط لها بما يعود على الشركات الربحية والمؤسسات الخدمية الحكومية بالفائدة.إن الاختيار الناجح لقيادة التغيير له أهمية كبيرة في نجاحه، لذلك يجب أن يكون مدير أو قائد التغيير ملما بالعملية وواضحا في رسالة التغيير ومقبولا لدى الموظفين المنفذين للتغيير حتى لا يواجه مقاومة تغيير شديدة تؤثر في النتائح المأمولة من سياسة التغيير والتطوير. وقد يختار مدير التغيير أو قائده عناصر بشرية مؤهلة لتنفيذه بحيادية وموضوعية لما لذلك من اهمية في مصداقية خطة التغيير. ولابد ان تكون ادارة الشركة منفتحة ومشجعة ومحفزة على التغيير الايجابي الفاعل الذي يستجيب للتغيرات البيئية المؤثرة في اداء منظومات الأعمال.وفي الختام أرى أن التغيير والتطوير ثقافة وقيم مشتركة بين جميع المنتسبين للمؤسسات والشركات. ويعتبر التغيير والتطوير الدافع والمحفز القوي للمنافسين نحو تحسين اداء الشركات الربحية والمؤسسات الحكومية الخدمية وبالتالي يعود بالخير على الوطن والمواطن. وما نراه اليوم من تحسن في مستوى المعيشة والرفاهية في الدول المتقدمة كان نتيجة تبني سياسات التغيير والتطوير المستمر في المنتجات والخدمات وما تقدمه تلك الحكومات للقطاع الخاص من دعم مادي ومعنوي نحو تحسين جودة الحياة.