صحيفة اليوم

إشارات تربوية في فن التعامل مع الطلاب والطالبات

كل واحد منا لا يحب أن يكون عرضة للسخرية، وكلنا يكره أن يكون فريسة سهلة يتلقى الكلمات الساخرة التي تحطم قلبه، وتنال من شخصيته، وتهين كرامته . أخي المعلم: إن الاستهزاء بالطالب لا يجعل منك معلما محبوباً، بل يجعلك مقيتاً ومبغوضاً فيك من الجاهلية ما فيك لماذا ؟ لأن الاستهزاء يورث في قلب الطالب الحقد والكراهية، ولن تكون الاستجابة إلا بنفس راضية . خذ مثالا ، جاء بلال بن رباح ـ مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ إلى الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، تخط رجلاه في الأرض من ضيق وحزن ما سمع، لقد عيره أبو ذر بلون والدته فقال له : يا ابن السوداء . أتدري كيف كان موقف أبي ذر ؟!! لقد وضع نفسه في موضع كان في غنى عنه، لقد جاء الرسول صلى الله عليه وسلم وقال له : أعيرته بأمه، إنك امرؤ فيك جاهلية . فما كان من أبي ذر إلا أن اعتذر لبلال، أتدري كيف اعتذر؟ لقد ألصق خده في الأرض، وطلب من بلال أن يطأ بقدمه على رأسه حتى يرضى . هذا هو الموضوع الذي كان في غنى عنه. إنها ذلة الاستهزاء من الآخرين . اخي المعلم: أليس من الإخلال بالأدب أن نحقر الطالب، ونسخر منه، فنحرجه أمام زملائه؟ فقد يقع الطالب في خطأ ما، فهل يعني هذا أن نوجه له سخرية لاذعة ؟ يقول أحد الطلاب : كنا نتابع معلما أثناء الشرح ـ معروف عندنا بتوزيع الكلمات التي لا يلقي لها بالا . وذات يوم وهو يعيد ويزيد في الشرح استهزأ بطالب، لأنه لم يفهم ما شرح على السبورة، وقال: إنك مثل الثور لا يفهم أبدا، فرد عليه الطالب وهو في حالة غضب وأنت مثل البقرة لا تفهم !!! فضحك الطلاب، فأصبح المعلم في حاله يرثى لها . أرأيت كيف عرض هذا المعلم نفسه للإهانة والسخرية أمام الطلاب . إذن لماذا نعرض أنفسنا لهذه المواقف المحرجة؟! لماذا لا يصاحبنا حديث المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم : (المسلم من سلم السلمون من لسانه ويده) حديث صحيح . إن الاستهزاء هو الكلمة التي حذر منها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حيث يقول: (إن العبد ليقول الكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في نار جهنم سبعين خريفا) حديث صحيح . إن تحريم السخرية والاستهزاء دليل على سمو الإسلام وعلو شأنه في رعاية الشعور الإنساني . أتعلم أن الاستهزاء كبيرة من كبائر الذنوب. يقول الله عز وجل : (يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ) الحجرات /11 إذن لا تسخر فقد يكون هذا الطالب أفضل منك في يوم من الأيام. أخي المعلم إذا أردت أن تحتفظ بود طلابك وأن تكون متميزاً محبوبا، عليك أن لا تستهزىء أو تعيب في حال من الأحوال . وأخير ضع نصب عينيك هذه الآية وتفكر في معانيها ولنزن ألفاظنا قبل أن نتفوه بها قال تعالى ( ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب) الحجرات / 11 قال ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ : (من لقب أخاه بسخرية فهو فاسق) @@ محمد عبد الله العامر