مدينة نيوم.. ثمار أضخم سنجنيها
تظل المعاناة منبع رؤية الفرد، تقول العرب: الحاجة أم الاختراع، والحاجة جزء من المعاناة، كل ما قدمته البشرية لصالح أجيالها لا يخرج عن هذه الفلسفة، ويرتقي الإنجاز بعلو مركز صاحب المعاناة وأهميته، وما الإنجازات عبر التاريخ إلا حل لمشاكل وتلبية لاحتياجات، المعاناة وتحدياتها ملهمة على مستوى الفرد، وأيضا ملهمة على مستوى الأمة، كل الإنجازات على وجه كوكب الأرض حققها إنسان يعاني مشكلة أو حاجة ملحة، هذا أحد أسباب التطور والتنمية وقيام الحضارات، هذا ما يصنع الفرق بين الأفراد وبين الأمم، هذا ما يصنع الفرق بين قدرات ومواهب وتطلعات قادة البشر. ■ ■ عندما نقارن بين بداية الطيران وما نعيشه اليوم في عالم هذه الصناعة، ندرك الفرق، عندما نتساءل عن وضع الصين قبل نصف قرن مع وضعها اليوم، ندرك الفرق، عندما نتساءل عن الأسباب الكامنة خلف اختراع الرادار، ندرك الفرق، عندما نتساءل عن اختراعات حققت إنجازات للبشرية، ندرك الفرق، عندما نتساءل عن أسباب بناء سُور الصين العظيم، ندرك الفرق، عندما نتساءل عن أسباب الانتصارات العسكرية عبر التاريخ، ندرك الفرق، عندما تضعف الأمم، وتضمحل وتتلاشى، ونسأل عن الأسباب، ندرك الفرق، عندما نراجع تاريخ العرب ونتساءل، ندرك الفرق، عندما نتساءل عن إنجازات رسولنا محمد وكيف جعل من العرب قوة وشموخا، ندرك الفرق، عندما نفهم قول رسولنا محمد إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق، ندرك الفرق. ■ ■ عندما ننظر إلى ماضينا القريب قبل ستة عقود ونقارنه بالوضع القائم، ندرك الفرق، عندما ندرك فلسفة (اخشوشنوا فإن النعمة لا تدوم)، ندرك الفرق، عندما ننظر إلى تاريخ الملك عبدالعزيز، وإنجازاته كزعيم، ندرك الفرق، عندما ننظر إلى استقرار المملكة خلال قرن، ندرك الفرق، عندما ننظر لإنجازاتنا خلال العقود الماضية، ندرك الفرق، عندما ننظر إلى مطالبنا، وإلى قلقنا على المستقبل وعلى أجيالنا، ندرك الفرق، عندما ندرك فهم تساؤلاتنا وأبعادها عن المستقبل، ندرك الفرق. ■ ■ عندما نتعمق أكثر نستنتج أن المعاناة والحاجة أساس (رؤية 2030)، رؤية شخصية لزعيم رسم لنفسه هدفا لخدمة أمة يمثلها ويقودها، رؤية هدفها تحقيق رغد عيش أجيالها بنهضة اقتصادية تحقق استدامة العطاء، البعض يقبع في دائرة المألوف والسكون، ويرى الأفكار الخلاقة خروجا عن المألوف، كنتيجة يقف بهم العجز والخوف في مواقف لا تقبل التجديد، حيث يصبح إنجازهم التشكيك واختلاق المبررات السلبية. ■ ■ جاء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان آل سعود، كالمارد في وقت ما أحوجنا إلى زعامة شبابه، حيث الدماء الحارة تجسد أعماق حاجتنا إلى التغيير الايجابي، جاء من أعماق المسئولية، جاء من أعماق الإنجازات، جاء ليؤكد أن هناك إنجازات أكبر وأعظم يمكننا تحقيقها، جاء ليؤكد أن المستقبل أفضل، برؤية تحمل مساحة تحرك أشمل وأعظم، هكذا ديدن كل الذين قادوا التغيير في جميع مراحل التاريخ، كانوا يَرَوْن المستقبل وفق حاجات ومعاناة الحاضر. ■ ■ نحن بحاجة لمثل هؤلاء المصلحين المبدعين الذين مروا على العالم عبر تاريخه، وجاء (محمد بن سلمان) ليؤكد فرصتنا الأخيرة في أن نكون أو لا نكون، الطموحات لا تتحقق دون معاناة، وفي غيابها تغيب الهمة، نحن أمام تغيير إيجابي عظيم قادم، وهذا مشروع (مدينة نيوم) يأتي ليجسد إلهام فكر زعيم يتطلع إلى مستقبل أفضل، بسواعد شباب يمثلون مجدا خالدا، (عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ/ وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ/ وَتَعظُمُ في عَينِ الصَغيرِ صِغارُها/ وَتَصغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ)، وللمشككين أقول: الإنجازات أموال ضخمة نصرفها من أجل ثمار أضخم سنجنيها.