أدر وجهك لضوء الشمس
تعلمنا منذ الصغر أننا حين نتوق لـ «اللامتاح» بين أيدينا، ونتطلع للأفق البعيد، نشغل أدمغتنا بالبحث عن وظائف جيدة ذات مرتبات عالية، وباقتناء الممتلكات الثمينة، فسنصبح سعداء حين الحصول عليها، ولهذا كبرنا ونحن نسعى للالتحاق بالوظيفة المرموقة، والترقية المقبلة، والدرجة الأعلى، فلماذا الاكتفاء بالشهادة الجامعية في الوقت الذي نستطيع فيه الحصول على الماجستير؟ ولماذا الاكتفاء بمنصب المدير اذا كان بالإمكان الترقي لنائب الرئيس؟ ولماذا لا يكون هناك منزلان بدلا من واحد، وهكذا نظل نركل ذلك الشعور السعيد للأبعد فالأبعد، ولن نصل أبدا لأننا نستمر في اللهاث خلف سراب المزيد والأفضل. ولكن ماذا سيحصل اذا عكسنا المسار؟ ماذا لو بدأنا بالحمد والشكر على الحال المتاح، كم سنشعر حينها بمشاعر أهدأ، مما سيتيح لنا إنجاز أعمالنا بارتياح، وسيؤدي لنجاح مهماتنا بشكل أفضل وترقية وظائفنا، وزيادة مدخلاتنا، وتحسن علاقاتنا وأوضاع حياتنا، حيث يؤدي الشعور بالرضا إلى إنعاش مراكز التعلم في الدماغ، وينير ظلمة الروح كالنجوم في السماء المظلمة.يعتبر علماء النفس أن أعظم تطور في الأجيال كلها هو اكتشاف قدرة الإنسان على تغيير حياته عن طريق تغيير موقفه، فليست الأحداث هي ما يصوغنا، بل المنظور الذي يترجم به دماغنا العالم، وكما يقول الحكماء فليس هناك ما هو جيد أو سيئ بل التفكير هو ما يجعله كذلك.فلم لا ندير دفة أمزجتنا بسهولة لأفكار أكثر انتعاشا؟ ولماذا يجد كل فرد منا نفسه أحيانا عالقا في التركيز على ما يقلقه؟ ولماذا تنزلق أدمغتنا للسلبية بسلاسة؟.يعود ذلك لآلاف السنين التي ظل فيها الدماغ البدائي مبرمجا بالخوف على قسوة العيش والتنافس ومحدودية الفرص، وستظل تلك البرمجة قابعة في أعماقنا ما لم ننوِ -بقرار واع- إعادة برمجتها بتصميم على عقلية الوفرة وشجاعة التحول للتفكير الإيجابي، لأن نسبة ٩٠% من سعادتنا تعتمد على منظورنا وخياراتنا الإدراكية التي نتعمدها والمسؤولة عن توليد المزيد من الحبور الداخلي، فالسعادة قرار داخلي تبدأ أهم خطواته بالحمد كثيرا على حسن الحال، فأدر وجهك دائما لضوء الشمس وسوف تسقط الظلال خلفك.