صفاء قرة محمد ـ بيروت

اليوم تذكّر بتاريخه الإرهابي.. بيان الجامعة العربية إطار لقرارات ضد ميليشيا «حزب الله»

مما لا شك فيه أن صبغ فئة أو حزب أو أفراد بصبغة «الإرهاب» يكون وفق معادلة بسيطة جداً مفادها، أن كل تنظيم مسلح يمارس عملا عسكريا خارج إطار الدولة وخارج إطار العمل العسكري التقليدي للبلاد، الذي ينتج عنه قتل أبرياء أو بث الرعب في نفوس المدنيين، أو تعريض أمن دولة شقيقة أو صديقة للخطر يعد عملاً إرهابياً، وهذا بالضبط ما قام به «حزب الله» لعقود طويلة، ما دفع بالمجتمعين العربي والدولي إلى تصنيفه كمنظمة إرهابية.وبالعودة إلى تاريخ «حزب الله» الحافل بالأعمال الإرهابية، يتبين أن جامعة الدول العربية لم تنتظر حدث الصاروخ الباليستي، الذي أطلق من اليمن تجاه شمال الرياض لتنصيف «حزب الله» إرهابياً، فلقد مارس هذا الحزب العمليات الارهابية منذ انشائه في العام 1982 عندما فجر مقر المارينز قرب مطار بيروت وفجر مقر السفارة الامريكية في عين المريسة، ومارس عملية خطف سفراء ورعايا أجانب وخطف الطائرات المدنية كل هذه تعد عمليات ارهابية.وتوضح مصادر متابعة لـ«اليوم» أن «ما بعد اتفاق الطائف تمكنت الوصاية السورية من حماية سلاح حزب الله وتم اعطاؤه صبغة مقاومة العدو الاسرائيلي وتحرير الجنوب اللبناني من الاعتداء، حيث تمكن لغاية 15 عاماً من حصر عمله بالمقاومة في الجنوب في الوقت، الذي كان فيه الجيش السوري يقوم بالدور الذي يقوم به الحزب اليوم أي الامساك بالقرار السيادي في البلد».إلا أنه بعد خروج النظام السوري من لبنان برز دور «حزب الله» بفرض قراره السياسي على الدولة ببطش السلاح، حيث برز دوره الارهابي في لبنان منذ العام 2005 ولغاية اليوم من خلال العديد من الاغتيالات، واجتياح بيروت وجبل لبنان في 7 مايو 2008 بالاضافة لقتله عشرات المدنيين الأبرياء ومن ثم الاطاحة بحكومة الرئيس سعد الحريري والمجيء بحكومة اللون الواحد ومن بعدها الانخراط في حروب العراق وسوريا واليمن وزرع خلايا أمنية في دول الخليج العربي، بدءا من الكويت والبحرين والمملكة والامارات وفي أفريقيا، بحسب المصادر.لذلك، دفعت كل هذه التراكمات وعدم النجاح في إقناع «حزب الله» بالعدول عن هذا الأسلوب، دفع الدول العربية والمجتمع الدولي لتصنيفه كمنظمة إرهابية، ولا يوجد تجنٍ على الحزب بهذا التصنيف، فلقد مارس حقيقية هذا السلوك، بكل المقاييس. ولا يتمكن الحزب من الدفاع عن سلاحه كسلاح شرعي يحمي أمن لبنان من إسرائيل في الوقت الذي تعيش فيه إسرائيل بأمان كون السلاح ليس موجهاً صوبها، بل نحو صدور اللبنانيين والشعب العربي.وفي هذا الإطار، يشرح مدير معهد الشرق الاوسط للشؤون الاستراتيجية الدكتور سامي نادر في تصريح لـ«اليوم» تداعيات وانعكاسات البيان الختامي لجامعة الدول العربية على «حزب الله» ولبنان، مشدداً على أن هذا البيان «يمهد إلى قرارات تنفيذية، فهو بيان يضع الإطار لقرارات تنفيذية محتملة فيما يتعلق بمسألة حزب الله وإيران، من هنا يفتح المجال إلى خطوات عملية تجاه مجلس الأمن، أو يفتح المجال لخطوات تنفيذية تقوم بها الجامعة مجتمعة أو بعض البلدان، ففي الاجتماعات التنفيذية كان واضحاً أنه ليس بالضرورة أن يكون أي قرار يتخذ من جانب الدول الأعضاء في الجامعة العربية أن يكون صادراً بالإجماع».ويوضح نادر أن «تسمية حزب الله بالمنظمة الإرهابية ليس بالأمر الجديد، فلقد كانت المرة الأولى في يناير 2016، الا أنه اليوم وبعد الصاروخ الباليستي أضفى عليه شيئا جديدا. كما أن الإشارة الى الحكومة اللبنانية والضغط عليها ولو بطريقة ملتوية كما عبر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، أن تكون الإشارة بحسب العنوان الى الحكومة اللبنانية ووضعها في موقع الشريك ولو لطفت الدبلوماسية المصرية العبارات فيما خص العبارات اللبنانية، الا أنه يبقى ان الاشارة الى الحكومة اللبنانية مقلقلة ومحرجة بالحدّ الأدنى وتحمل هذه الحكومة مسؤولياتها في اتجاه الضغط على حزب الله».وحول حماية لبنان من تداعيات التصنيف، يقول د.نادر: «على الحكومة اللبنانية لحماية لبنان من أي تداعيات تطاله على مختلف الأصعدة أن يلتزم المواثيق الدولية وبميثاق الجامعة العربية وعدم السماح لأحد من أطرافه بالتورط في حروب إقليمية وبتهديد أمن الدول».وتوقف د.نادر عند «الإشارة الى المادة 51 من ميثاق الأمم، التي تسمح لأي دولة أن تدافع عن نفسها اذا تعرضت لهجوم، حيث هذه المادة تعطي لبنان القاعدة القانونية لأي عمل دافعي ومن هنا، اطلقت على البيان مسمى الإطار، لأنه قد يكون مدخلا أو قد يسمح لمدخل لقرارات محتملة، التي وضعت لها التمهيد والإطار السياسي والعربي من أجلها».وعن قدرة قرارات جامعة الدول العربية على تكبيل «حزب الله»، يضيف: «هنالك قرارات مباشرة لا أعلم مدى إصابتها أو إلحاق الضرر به بالمباشر أما في غير المباشر من خلال البيئة الحاضنة وبالبيئة اللبنانية تطاله كون الجميع يجلسون في مركب واحد، ومن هنا فإن أي عملية لزعزعة المركب ستطيح بالجميع.وأضاف: هنالك بعض التدابير لا نعلم طبيعتها، فقد تكون عسكرية وسياسية أو اقتصادية، لذلك فإن باب التكهنات واسع. اذا كان التدابير مماثلة للتدابير الاقتصادية التي يحكى عنها في الفترة الأخيرة قد تكون لها آثار وخيمة على الاقتصاد اللبناني وعندها يكون لبنان قد دفع الفاتورة بطريقة غير مباشرة عن التدخلات في الشؤون العربية والاصطفاف مع المحور الإيراني».وأبان بأن «نصرالله في حديثه الأخير أكد وجوده في العراق وانه سيذهب نحو ساحات أخرى»، معتبراً انه «يقصد سوريا فإذا كان ينفي وجوده في دول الخليج لاستيعاب أزمة استقالة الرئيس سعد الحريري ومحاولة فتح باب لإنقاذ التسوية أو تعويم الحكومة المستقيلة، لرفع المسؤولية عن الصاروخ الباليستي».