محمد بن سلمان يصنع ربيعنا
حين تحرك شياطين الربيع المزعوم ظن البسطاء أن في الأمر خيرا للأوطان والمواطنين ولكن حتى اليوم لم يثبت ذلك، والأسباب لا تخفى على أحد من المتابعين للأحداث ولمن يحدثها ويمسك بخيوطها بنية تحمل في طياتها الشر، ولأن الله جل وعلا (لا يصلح المفسدين) انتكست الأمور وانقلب السحر على الساحر وهذا أمر طبيعي طالما أن الربيع المنتظر والإصلاح لم يبدأ من الداخل في تلك الدول وها هي اليوم تعيش صراعات الله وحده يعلم متى تنتهي وكيف. وعندما بدأ الربيع السعودي الذي صنع بأيدٍ سعودية وقف العالم على قدم وساق يصدر تكهناته ويعلن عن توجسه فمثل هذه التغييرات القوية لا تحدث عادة بين يوم وليلة حتى في الدول الغربية احتاجت تلك التغييرات سنوات طويلة لتتم ومثلها ليتأكد نجاحها أما نحن فنسمع بالقرار اليوم ويبدأ تنفيذه خلال ساعات محدودة؛ لأنه ربيع مدروس قائم على حب الأرض والرغبة القوية في استصلاحها. ربيع له خطة ذات حدين حد على الخلل يعمل على استئصاله، وآخر على المستقبل يحفر ليضع قواعده الجديدة. قال يوما أحد رواد الربيع المزعوم (قواعد اللعبة تغيرت) وهي بالفعل تغيرت للأفضل ولله الحمد، تغيرت لأن المملكة العربية السعودية بحكامها وشعبها كانت عصية على ذلك الشر الذي ظنوا أن قواعده تغيرت لصالحهم. فربيعنا مختلف، ربيعنا صنع بحكمة الشيوخ بيد سلمان بن عبدالعزيز، وحماس الشباب بيد محمد بن سلمان. لقد كان حوار توم فريدمان كاشفًا للغموض الذي توهمه العالم في الخطة الإصلاحية التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين وبدأ بتنفيذها سمو ولي العهد وفي رأيي أن موقف الصحافة العالمية من ذلك الحدث جاء نتيجة صدمتهم بهذه الجرأة التي تمت فيها عملية اصلاح الخلل بدءا من قمة الهرم لا من قاعدته وهي التي عبر عنها سمو ولي العهد لفريدمان بقوله: إنها رسالة لكل فاسد (لن تنجو بفعلتك). الصحافة العالمية والعربية كانت تتخبط في تفسير تلك الضربة القوية ضد الفساد في حين كان المواطن السعودي فرحًا بالأحداث ومتفائلًا بالقادم وما تحمله الأيام من تغيرات إيجابية انتظرها طويلا على كافة الأصعدة. إن المشروعات الاستثمارية الضخمة التي تم الإعلان عنها والحركات الإصلاحية الداخلية التي كنا في الداخل بقدر ما نتوق لها نراها بعيدة جداً كتنظيم عمل الهيئة أو هدم مسورة الإرهاب في القطيف أو قيادة المرأة للسيارة أو فتح الأبواب للفنون المختلفة.. كل هذا كان مؤشرات قرأها المواطن العادي كرسالة من السلطة العليا في البلاد مفادها: نحن في خير وها نحن ننتقل معكم وبكم إلى خير، عندما قال سمو ولي العهد: بأن السعودية لم تكن كذلك قبل ١٩٧٩ وأننا لن نضيع ٣٠ سنة من حياتنا في التعامل مع الأفكار المتطرفة فسوف ندمرهم اليوم وفورا. كان قد فعل قبل أن يقول وصدق فيهما معا فكأنه يعاهد الشعب السعودي من جديد على أن خطواتنا ستكون بإذن الله للأمام فقط وأن خططه وأفكاره تسابق بعضها بعضا على طريق التحقق وهي التي رأى بعضهم في الداخل والخارج أنها خطوات متسارعة وما هي إلا رد واضح على نوايا الخير التي يحملها في قلبه بصفته مواطنًا أولاً ثم بصفته صاحب سلطة قادر على زحزحة العقبات التي أعانه الله عليها ونسأل الله له البركة فيها وأن يسخر له جند السماء والأرض ليتحقق ربيعنا المنشود مكتملا ومزهرا بالخيرات.