د. محمد حامد الغامدي

التشجير ضرورة لصالح التوازن البيئي

انتشار الروابط الخضراء المهتمة بالتشجير ظاهرة صحية، يقوم نشاطها على أفراد يؤمنون بالعمل التطوعي. أصبح صوت نشاطها يرتفع، وحماسها يتوسع، وانجازاتها تتحدث عن جهود ووقت، وأموال شخصية مبذولة بسخاء. إنه العطاء وفعل الخير لهذا الوطن وأجياله. إنها مسئولية المجتمع المدني الواعي بأهمية دور الغطاء النباتي وتنميته. نشاط يدل على علو همّة، وثقافة بيئية ناضجة. هناك أسماء حريصة تعمل ليلا ونهارا لتحقيق المستحيل، وهي محل تقدير الجميع. حظيت بتشجيع ومساندة وزارة البيئة والمياه والزراعة، من خلال برنامج الوزارة المعلن، بزراعة (4) ملايين شتلة خلال الأعوام القادمة، وسيتم توزيعها على جميع مناطق المملكة. ■ ■ المفرح أن بعض الروابط محتجّة على قلة نصيبها من هذه الشتلات، وهذا مؤشر على وعي بأهمية تشجير أرض المملكة، يشكرون عليه، ولكن مع هذه الجهود التطوعية، ومع هذا الحراك البيئي الرشيد، أجد بعض تناقضات يمكن تلافيها لصالح البيئة. تناقضات تذكّر بتناقضات عشناها مع المياه والزراعة، وأفضت لنتائج سلبية، وكان يمكن تلافيها. الحقائق تؤكد أنه يمكن تلافي التناقضات، ويمكن أيضا جعل جميع الروابط الخضراء شريكة في منعها.■ ■ عندما نتحدث عن حماس الروابط الخضراء في تشجير مناطق المملكة، وندعم هذا التوجه بالإعلان عن توزيع أربعة ملايين شتلة، ثم نجد أن الباب مفتوح لأعداء البيئة بالاحتطاب، وقطع الأشجار، فهذا تناقض واضح. يحدث هذا في غياب الشرطة البيئية. وعندما نتحدث عن حماس الروابط الخضراء في تشجير مناطق المملكة، وندعم هذا التوجه بالإعلان عن توزيع أربعة ملايين شتلة، ثم نجد أن الباب مفتوح على مصراعيه، لموت ملايين أشجار العرعر في مناطقنا المطيرة دون اكتراث، فهذا أيضا تناقض واضح في غياب منع هذا الموت والتدهور.■ ■ حتى تثمر الجهود لابد من تحقيق التكامل بين الروابط الخضراء وبين الوزارة المعنية، وهذا يعيد دور المجتمع المدني التاريخي، في حماية البيئة والغابات المحلية في مناطق جبال السراة والحجاز. أدعو لإعطاء الروابط الخضراء الدور الرقابي على البيئات التي تنتمي لها كل رابطة، لتصبح هذه الروابط هي الحامي والراعي للبيئة، وهذا يسهل مهمة ودور الوزارة في خدمة البيئة، ويحقق أهدافها وتطلعاتها. وهذا يحل محل الشرطة البيئية ولو بصورة مؤقتة.■ ■ في أمر موت أشجار العرعر وغاباتها التاريخية في مناطقنا المطيرة، يمكن لهذه الروابط الخضراء، وبأعضائها من علماء المملكة، المشاركة في تشخيص المشاكل وتحديد الاحتياجات، وفق خطط بحثية، يتم دعمها وتشجيعها، وهناك الجامعات السعودية يمكن تكليفها بهذا الملف الذي تم فتحه منذ سبعينيات القرن الماضي، ولا يزال مفتوحا إلى اليوم، دون التوصل إلى حل لوقف موت أشجار العرعر، وهي تغطي أكثر من 60 بالمئة من الغطاء النباتي في مناطقنا المطيرة، وهذا يوضح حجم كارثة موتها.■ ■ من جهتي وكأحد المهتمين بالمياه والبيئة، رفعت صوتي إلى أن وصل الوزارة منذ أكثر من سنة، ولكن حتى اليوم لم تسجل (رابطة انقاذ شجر العرعر) التي أسستها في شهر سبتمبر 2016، أي ردة فعل للوزارة. هل هذا تناقض بين الشعارات المرفوعة لحماية الغطاء النباتي وتنميته. في هذا الشأن، اقترحت حلا نهائيا لمشكلة موت شجر العرعر، يحمله كتابي بعنوان: [كيف نحول المطر إلى مخزون استراتيجي. «بناء المستحيل»]. لا حل بمعزل عن حل بقية المشاكل البيئية في مناطقنا المطيرة ومنها جرف التربة.■ ■ الحلول البيئية لا تكون انتقائية، ولكنها حل شامل لكل مكونات البيئة بما يحفظ التوازن، لضمان استدامة عطاء البيئة. الأخذ والعطاء بين الإنسان والبيئة، جزء من الحل، وأيضا تلافي التناقضات التي تزيد البيئة معاناة على معاناتها.