د. شلاش الضبعان

ضحكات الموظفين

«في حفل العشاء قال المدير نكتة، فضحك جميع الموظفين إلا واحدا، فقال المدير: شكلك ما فهمت النكتة؟! رد الموظف: لا والله لكني من أمس استقلت»!.يجب أن يدرك المدير أن ليس كل ضحكة يسمعها من موظفيه هي ضحكة صادقة، ولا كل ابتسامة يراها هي ابتسامة رضا، بل إن هذه الضحكات والابتسامات قد تكون كما قال أبو الطيب:إذا رأيت نيوب الليث بارزة ** فلا تظنن أن الليث يبتسموفي حالتنا هذه لن يكون الضاحك ليثاً حتى ولو ادعى، بل هو -في معظم الأحيان- ثعلب يحتال من أجل مصلحته الشخصية، ولذلك يجب أن يكون المدير على حذر من الأنياب الضاحكة، فقد تكون فخاً تجعله يقرّب الثعالب ويبعد الليوث، فيقع حين يقع، ولا يجد حوله إلا ثعالب تتسابق على نهش لحمه. ومن خطورة ابتسامات الموظفين الصفراء وضحكاتهم الكاذبة أنها قد تزيد المدير إمعاناً في الطريق الخاطئ، فقد عوّد كل من حوله على «ما أريكم إلا ما أرى، وما أهديكم إلا سبيل الرشاد» وبالتالي فالرد الوحيد والدائم على أفكاره ومقترحاته ابتسامات عريضة وهمهمات إعجاب كاذبة وتصفيق حاد، فإذا أتت الكارثة انفض الضاحكون والضاحكات والمصفقون والمصفقات، وقابل ما يقابله وحيداً. علاقة المدير بموظفيه يجب أن تكون علاقة سليمة، بأن يقوم كل بدوره المرسوم فهو المعيار الوحيد لبقاء الموظف ونجاحه، كما أن على المدير، وهو الذي يتولى دفة القيادة، أن يعلم أن أهم وسيلة لتقييم ذكاء القائد هي النظر للأشخاص الموجودين حوله، ولذلك لا بد من بناء الرجال، وتكوين صف ثان من القيادات، بحيث إذا غاب منا سيد قام سيد، وقيادة قطيع من الأسود يفخر بهم القائد، خير من قيادة قطيع من الأرانب يهربون عند قدوم أول أسد! هذه أسس العلاقة السليمة التي تقي من الزيف والانحدار، وتضمن البقاء والاستمرار حتى لو تقاعد المدير أو استقال الموظف.أخيراً أتمنى من كل موظف وموظفة ألا يضحكوا على ما لا يُضحك، فهذا الضحك سيزيد سعادة المدير غروراً ويبكي الموظف في النهاية.