د. طرفة عبدالرحمن

التدليس السياسي..

لا تكلف نفسك عناء الشرح لشخص متحفز لإظهارك على خطأ.. ورغم أن الشروحات أبلغ عندما تكون بالأفعال لا بالأقوال إلا أن الكراهية تجعل لغة الجحود تطفو على السطح حتى أمام الأفعال العظيمة، ليس هذا فحسب بل قد تصنف أنبل المواقف والأفعال إلى نقيضها.. وهذا للأسف ما يحدث أمام مواقف المملكة التاريخية في معظم القضايا العربية، فهي بين متعامٍ (قليل الوفاء) أو جاهل (تم تضليله) أو حاسد (متسمم بالغيرة).. ودعنا نتحدث عن الفئة الأخيرة، كون الجهل قد يرفع بالعلم أو الفهم أما الحسد فلا يرفع إلا بزوال النعمة عن المحسود أو يموت الحاسد ويكفي العالمين شره..إن التحليل السياسي الذي تدفع به وسائل الإعلام المعادية لتضليل الجماهير حول الأزمات العربية، يفصح عن كمية الكراهية والحقد المتراكم الذي طالما غلف باسم الحيادية أو التفرد بالطرح، وعلى كل حال ليست القضية في هذه النقطة حيث إن كثيرا من وسائل الإعلام فقدت مصداقيتها وتكشفت توجهاتها عندما أفرطت في نزعة الكذب والتأويل..القضية تتمحور في أمرين، الأول: أن اللغة الهابطة التي تنتهجها تلك الوسائل بهدف الإساءة والتأليب على الدول المستقرة -أو تلك التي تأخذ طريقها للاستقرار والهدوء- يجب ألا يدفعنا إلى الهبوط إلى مستواها، فقد بلغت درجات منخفضة من التدني.. الأمر الآخر: علينا الاهتمام بتوعية أبنائنا بمعطيات السياسة وكيف يتم تدويلها عبر وسائل الإعلام بالطريقة التي تخدم توجهات الجهة المرسلة، حتى لا ينخدعوا بالدغدغة العاطفية التي يتم تطعيم بعض الطروحات بها، والتي تهدف لكسب التعاطف الجماهيري وإثارة الحركات الثورية والتطرفية، فكثيرا ما تغلف التوجهات السياسية بالدينية أو الحقوقية أو تعطي إيحاءات كاذبة بأنها تستحث التغيرات الإصلاحية، وهي أمور خطيرة يجب أن تؤخذ في الحسبان.. خاصة الأحداث الأخيرة التي تدندن على وتر الدين والعروبة وتشعل حماسة الحركات التطرفية والإرهابية.. يجب أن توعى الفئات العمرية الشابة والصغيرة بهذه الأمور كي لا تنخدع بالطروحات المضللة.. وحتى لا يقع الوعي الشبابي في فخ الاستدراج الإرهابي أو الثوري أو حتى الوعي الخاطئ، ويصبح فريسة سهلة المنال لأساليب التدليس السياسي.. يجب ألا تمر أمامهم هذه الأحداث التاريخية بدون فهم كامل لها، ابتداء من أزمة الستينيات في العالم العربي وحتى اللحظة الراهنة.. أعتقد أن الجماعات الإرهابية التي تحركها أهداف سياسية الآن، لها ورقة مغرية ستحاول توريط الشباب بها؛ ما لم يتم تداركها مبكرا..