خالد الشريدة

أطباء بلا ضمير أو أخلاق

مثل كثيرين غيري لا يساورنا أدنى شك في إنسانية مهنة الطب ومعالجتها ليس للأمراض وحسب، وإنما منح المرضى الأمل في الشفاء ورسم البسمة في الشفاه، عدا ذلك لن يكون الطبيب طبيبا ولا إنسانا بالقدر الذي نطمح له لدى كل من يمارس المهنة، لذلك صدمت حين قرأت أخيرا عن قبض رجال الأمن بالقوة الأمنية المشتركة بقيادة مكافحة المخدرات في محافظة وادي الدواسر على طبيبين، يعملان بإحدى المنشآت الطبية الخاصة يروجان ويبيعان حبوبا محظورة.الطبيبان اللذان تم ضبطهما من جنسية عربية، وبحوزتهما كمية كبيرة من الحبوب المحظورة، قاما بتهريبها من خارج المملكة بقصد ترويجها، وتلك أحد أسوأ صور الإنسانية، وكارثة حقيقية يغيب فيها الضمير والوعي والأخلاق، وأشك بصورة كبيرة أن شهادات هؤلاء إما أنها «مضروبة» وغير حقيقية أو أنهما تخرجا بطريقة غير صحيحة لممارسة المهنة، أو أنهما مجرمان يغطيان إجرامهما بالبالطو الأبيض، وذلك أنكى وأدهى وأمر.حسب علمي أن الجامعات الغربية لا تمنح شهادة الممارسة إلا بشق الأنفس، ليس لصعوبة المنهج الذي يمكن لأي طالب متفوق أن يعبره، وإنما للتشدد في المنهج السلوكي في السنوات الأخيرة مع المرضى والتحقق من إنسانية الطبيب وأهليته للتعامل مع المحتاجين لخدماته الرفيعة، ويبدو ذلك لا يحدث في الجامعات حيث تخرج هؤلاء لأنهم يقتلون مرضاهم أو حتى الأصحاء حينما يمنحونهم هذه السموم بغرض القتل النفسي والمعنوي والعقلي.النظرة الثانية لهذه القضية بأنهما تعمدا هذا السلوك الشائن، أن يكونا يفعلان ذلك بمنهجية إجرامية مقصودة تخدم أطرافا غير مرئية باستغلال وجودهما في بلادنا لتمرير هذه السموم التي تفتك بالأفراد والمجتمع، وذلك أمر نضعه ونتركه للجهات الأمنية، ولكن المنظور الإنساني يحفزنا لإدانة هذا السلوك القذر الذي لا يليق بمهنة الطب بكل إنسانيتها.تلك الواقعة تحيلنا الى دور الجهات المسؤولة، وهيئة التخصصات الصحية في تقدير أهلية مثل هؤلاء ومتابعة أدائهم، دون أن نغفل دور إدارة المستشفى الذي يعملان به، فلا بد من الرقابة والمتابعة، لأن الانحراف بالمهنة الى هذا المستوى الرديء يسيء لها أيضا، إذ لا يمكن السماح بهذه السلوكيات الإجرامية مطلقا، ولا بد أنهما استغلا الثقة فيهما على الوجه الأكمل، وأساءا للمهنة بصورة فاضحة وقبيحة تستوجب الردع والحزم، لأنهما عملا على تدمير الإنسان بالحيلة وتزييف واقعهما وتضليل كل من حولهما دون إمكانية أن يراجع أحدهما الآخر في سوء فعلهما، ما يعني منهجية السلوك وقذارته التي توجب أقصى عقاب.