د. طرفة عبدالرحمن

فوضى الإعلام الجديد

هناك من يطرح تساؤلا تأمليا، في المآرب التي ترمي لها صناعة الإعلام الجديد بوسائله المتعددة، هل الأهداف التي تنشدها تجارية أم سياسية، أم ثقافية؟.. أم إنها تحقق مقاصد أبعد من ذلك؟.. طبعا الإجابة عن هذا النوع من التساؤلات أو الأفكار لا بد أن يكون على شكل فرضيات تحتاج لنفي أو إثبات، وليس إجابات نهائية تعتمد على التخمين، لأن الحقيقة أو المعرفة لا يمكن بلوغها إلا بالوقوف على الأدلة والبراهين.. لذلك أنا لا أتفق مع أولئك الذين يجزمون بأن وسائل التواصل الاجتماعي خلقت لبرمجة عقول الأفراد، أو أنها تحمل مآرب غير طيبة للمجتمعات.. حتى نصل للفهم الواضح، ونقترب من حقيقة أي موضوع، علينا أن نطرح التساؤلات العميقة والجيدة، ولا نتحفز بدلا عن ذلك لصياغة الإجابات والقفز للتحليل على مرتكز غير منطقي أو سليم..أعتقد أننا الآن في مرحلة تحتاج إلى فهم النتائج التي أفضى لها استخدام هذه الوسائل أكثر من الحاجة إلى تخمين النوايا التي تقف خلف إنشائها فقط..بلا شك وبعيدا عن الإيجابيات التي لا يمكن إنكارها لهذه الوسائل، إلا أنها تسببت بفوضى فكرية وسياسية واجتماعية أصبحت مهيمنة على واقعنا..لقد أصبح رتم التضارب السياسي والثقافي والمعلوماتي أسرع وأعلى بين الأفراد والدول أيضا.. أصبحنا نرى رؤساء وشخصيات اعتبارية على مستوى العالم تحركها وتثير حنقها (تغريدات) أو معلومات يتم تداولها على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر».. يبدو أن هوس الشهرة ولفت الانتباه بطريقة مزعجة !! وهذا مؤشر مقلق حيث تسود نزعة لفت الانتباه والتباهي أو استعراض القوة والتحدي ف.. لقد عرت هذه الوسائل شخصيات الأفراد والدول وأحقادهم بطريقة ما عدنا نحتمل قبحها ولا أزمتها وتداعياتها.. أصبحت قصص التناطح تشبه قصص الفنانين والممثلين؛ المتشاكلين والمتخاصمين أمام وسائل الإعلام!! لم يواكب الثورة التكنولوجية والاتصالية ثورة أخرى على مستوى الأخلاق والملهمين والمؤثرين في قيادة الوعي، بل حدث النقيض تماما وأصبح العقل الجمعي أو الرأي العام، يقاد من فئات أو شخصيات شهيرة متراجعة ذوقيا ومعرفيا ولديها في بعض الحالات خلل في الشخصية!.