هل سيرفع الغرب المظلة عن نظام الملالي؟
دخول الاحتجاجات ضد نظام الملالي في إيران أسبوعها الثاني يعني أن الجماهير في إيران وبشكل خاص في طهران ومحيطها تجاوزت عتبة الخوف، واتساع الاحتجاجات يعني أن الشعب الإيراني ماضٍ في رفع صوته من أجل إعادة حقوقه، التي سلبها نظام الملالي لما يقارب أربعة عقود.ومع اتساع رقعة التظاهرات وامتدادها إلى المناطق الكردية والعربية في الأحواز، يطرح العديد من الأسئلة، هل ستتحول هذه الانتفاضة إلى ثورة شاملة تطيح بالنظام ومرتكزاته؟، أو هل أن النظام قادر على إحداث تغييرات للالتفاف على حركة الاحتجاجات، أم لا بد من إسقاطه بشكل كامل؟.فيما يتعلق بالسؤال الأول، فمن غير الواضح إلى الآن أن هذه الانتفاضة ستتحول إلى ثورة شاملة تطيح بالنظام ومرتكزاته، رغم اتساعها وشمولها لأكثر من سبعين مدينة إيرانية وانضمام معظم القوميات، التي تتشكل منها الدولة الإيرانية التي يهيمن عليها الفرس، لكن الآفاق لا تزال مفتوحة ويبدو أن الشعب الإيراني لم يعد قادرا على تحمل هذا النظام أكثر، خاصة مع سياسة القمع الشاملة، بالإضافة إلى سياسة الإفقار والتجويع وانهاك الشعب حتى الاستسلام الكلي، وهي سياسة يبدو أنها أتت بنتائج عكسية. واندلاع الانتفاضة، وتحولها إلى ثورة شاملة يتوقف على مدى اصرار الإيرانيين على التخلص من هذا النظام، الذي بدد ثروات البلاد والشعب من أجل أحلام وأوهام امبراطورية. وينفق المليارات على الميليشيا الإرهابية التي أسسها في خدمة أوهامه، التي تصب في مصلحة إسرائيل التي يدعي عداءها. ويسود اعتقاد لدى المراقبين للشأن الإيراني أن الشعب لن يتراجع هذه المرة، كما حصل عام 2009، خاصة أنه تجاوز عتبات الخوف، خاصة مع رفعه شعارات نالت المحرمات كـ«الموت لخامنئي»، وتفضيل الشاه وزمنه، وكذلك فإن التحرك عام 2009 كان من منطلق مختلف كليا وجاء من جناح من داخل النظام.هل هذا النظام قادر على التغيير والالتفاف على الانتفاضة؟ بعض الأوساط السياسية والغربية ربما تحاول الضغط على النظام لإجراء تغييرات من أجل امتصاص الانتفاضة والمحافظة على النظام، الذي بات يلعب دوراً وظيفياً في التغييرات الديموغرافية في العراق وسوريا بشكل خاص خدمة للمصالح الإسرائيلية، كما أن الصراعات في الشرق الأوسط باتت مرتبطة بوجود هذا النظام، بميليشيا أسسها لهذا الدور، وهذا يبدو ما تشجع عليه الدوائر العسكرية لدى الغرب، وتجربة تنظيم داعش وميليشيا الحشد الشعبي في العراق كما تنظيم القاعدة خير دليل على ذلك. وبنية النظام الإيرانية بالتأكيد غير قابله للتغيير والإصلاح، وإن إحداث أي تبديلات جوهرية فيها سيؤدي إلى انهياره، مثله مثل أي نظام ديكتاتوري، وهذا ما حدث بالنظام السوفيتي في روسيا ودول أوروبا الشرقية، وهذا أيضا ما أدركه النظام في سوريا مع بداية الأحداث، حيث أصر النظام على مواجهة الشعب ولم يقدم على أي تغيير أو إصلاح لامتصاص الغضب الشعبي، وبدأ النظام يحضر نفسه لاستخدام السلاح ضد الشعب على نطاق واسع.ولأن العالم اليوم بات أكثر تفاعلاً وترابطا، فإن انتصار الشعب الإيراني سيتأثر إلى حد بعيد بالمواقف الدولية وبشكل خاص أمريكا، التي لا تزال تأثيرات المرحلة الأوبامية تخيم على السياسة الأمريكية، فهل سينتقل الموقف الأمريكي والغربي إلى جانب الشعب الإيراني، وترفع المظلة الغربية عن نظام الملالي، أم انهم سيكررون ما حدث في سوريا؟ هذا ما سيتضح خلال الأيام القادمة.