حياة الفهد «تَسْمِتْ» وجهها بطين خاوة
في مشهد يجمع الفنان عبدالحسين عبدالرضا -يرحمه الله- والفنانة القديرة حياة الفهد في (سوق المقاصيص، 2000)، ينجح الأول (أبوحابس) في إقناع الأخيرة (أم معتوق) بشراء «طين خاوة». مشهد قصير تتجلى فيه قدرة عبدالرضا على الإضحاك والإمتاع، ولكن هذا ليس موضوع كتابتي. ما لفت انتباهي فيه هو أن نجاح أبوحابس في تحقيق غايته وهي بيع طين خاوة على أم معتوق يعود إلى نجاحه في القيام بوظيفة الإعلان، أي بإقناع أم معتوق كمستهلكة بحاجتها الشديدة لطين خاوة عن طريق إثارة الخوف والقلق فيها. وهذا ما تفعله الإعلانات خصوصا تلك التي تستهدف النساء. لقد نجح أبو حابس في خلق إحساسها إلى الحاجة لشراء طين خاوة (دوا التفخ) كما يقول لكي تنفخ باستعماله وجهها المترهل (الفاش). فعندما تهم أم معتوق بمغادرة دكانه، يفاجئها أبوحابس:«تعالي..تعالي»، فتستدير إليه:«خير يابوحابس!» وفي الحوار الذي يجري بينهما يثير ابوحابس الخوف في نفس أم معتوق بكلامه عن (انفشاش وتعرفط) وجهها، الذي لن يعيد له نضارته ويزيل ترهله سوى طين خاوة. ويمضى ابوحابس الى شرح طريقة استعمال الطين بأن تنقعه في الماء ثم تطلي (تلوص) به وجهها لمدة عشرين يوما بلياليها. ولا يكتفي أبو حابس بتخويف (تخريع) أم معتوق بترهل وجهها، بل يضاعف هلعها بالتلميح إلى احتمال خسارتها زوجها إلى إمرأة أخرى، لأن الرجال يخيفون(يخرعون)، ويزيد الطين بِلّة بتذكيرها بأن الديرة مليئة بالفلبينيات ذوات الوجوه النضرة المشدودة (المسموته) مثل (الطيران)-مفرد طارة. يدفع الخوف أم معتوق إلى شراء كمية من طين خاوة لـ(تسمت) به وجهها لكيلا تخسر زوجها كما خسروا البيت. إثارة الخوف في نفس المتلقي (خاصة المرأة) هدف من أهداف الإعلان عبر تفجير الإحساس بالحاجة والنقص في داخلها. الخوف من تجاعيد الوجه، الخوف (الخرعة) من سمرة ودكنة البشرة كما يفعل إعلان أحد الـ(كريمات) المعروفة، ومن تقصف الشعر،. مخاوف عديدة لا يكف الإعلان عن زرعها في نفوس المُتَلَقِية. وفي دكانه، كان ابوحابس البائع والمروج (الإعلان)، فجر الخوف (الخرعة) في قلب أم معتوق، لتغادر حاملة طين خاوة لتلوص به وجهها كيما تحول بـ(سمته) دون مطاردة أبي معتوق للفلبينيات.