صحيفة اليوم

حب الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم

كان أبو هريرة رضي الله عنه شديد الحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ويصرح بحبه هذا فيقول له: ( يا رسول الله، أني إذا رأيتك طابت نفسي وقرت عيني) وقد استولى عليه هذا الحب بكليته، حتى أنه كان يفضل سماع الحديث الواحد من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم أو من أفواه كبار الصحابة رضي الله عنهم على ألف ركعة، فيقول: ( باب من العلم نتعلمه أحب إلينا من ألف ركعة). وقد أجج فيه هذا الحب عاطفة غامرة تجاه اسم الرسول صلى الله عليه وسلم، لم يكن يتمالك نفسه معها، فيجهش بالبكاء مرة بعد مرة إلى حد الغيبوبة، وقد حفظ لنا الترمذي بسند حسن إلى شفي الأصبعي صورة صادقة لما كان يستولي على أبي هريرة من هذا الحب العظيم، إذ دخل شفي ( المدينة فإذا هو برجل قد اجتمع عليه الناس، فقال: من هذا؟ فقالوا: أبو هريرة، فدنوت منه حتى قعدت بين يديه وهو يحدث الناس، فلما سكت وخلا قلت له: أنشدك بحق وحق لما حدثتني حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم عقلته وعلمته، فقال أبو هريرة: أفعل، لاحدثنك حديثاً حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عقلته وعلمته، ثم نشغ أبو هريرة نشغه). قال في لسان العرب: و( النشغ: الشهيق وما أشبهه حتى يكاد يبلغ به الغشي) ( وإنما يفعل ذلك الإنسان شوقاً إلى صاحبه وأسفاً عليه وحباً للقائه). واستمر شفي الأصبعي يصف لنا كيف نشغ أبو هريرة ثانية وثالثة ورابعة قبل أن يتمكن من رواية الحديث. يقول: ( فمكث قليلاً ثم آفاق فقال: لاحدثنك حديثاً حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا البيت ما معنا أحد غيري وغيره، ثم نشغ أبو هريرة أخرى، ثم آفاق فمسح وجهه فقال: لاحدثنك حديثاً حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا وهو في هذا البيت ما معنا أحد غيري وغيره، ثم نشغ أبو هريرة نشغه أخرى ثم آفاق ومسح وجهه فقال: أفعل، لاحدثنك حديثاً حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه في هذا البيت ما معنا أحد غيري وغيره، ثم نشغ أبو هريرة نشغه شديدة ثم مال خارا على وجهه فأسندته علي طويلاً ثم آفاق فقال: حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله تبارك وتعالى إذا كان يوم القيامة ينزل إلى العباد ليقضي بينهم...) ثم ساق حديثاً طويلاً في عذاب الذي يقرأ القرآن أو ينفق أو يقاتل وهو يرائي طالباً مدح الناس). عبد المنعم العربي