د. عدنان بن عبدالله الشيحة

د. عدنان بن عبدالله الشيحة

يعتبر قرار إجراء الانتخابات البلدية نقطة تحول في تاريخ المملكة السياسي تستحق الاشادة والتقدير والوقوف عندها قراءة وتحليلا ونقدا. في نفس الوقت، تجعل المواطن يتطلع للمزيد من القرارات الحاسمة والطموحة لتوثيق اللحمة بين الحاكم والمحكوم والارتقاء بها الى اعلى المستويات. لذا فإن أهمية الانتخابات البلدية تنبع من انها تهيىء للانطلاق الى مساحات أكبر وارحب من حرية التعبير والشفافية والمساءلة ليس على الصعيدالمحلي وحسب ولكن على المستوى المناطقي والوطني.هي نقطة تحول ليس فقط في آلية اتخاذ القرار العام وهو أمر هام وضروري ولكن الاهم من ذلك هوالتحول في الفكر والرؤية والفلسفة السياسية فيما يخص العلاقة بين المواطن والحكومة. فالبلاد لم تعتد على مثل هذه الانتخابات باستثناء بعض الممارسات الانتخابية البلدية البدائية الهزيلة في أوائل الستينيات الميلادية وانتخابات الغرف التجارية الصناعية في الوقت الحاضر. بل ان انتهاج المركزية الشديدة في العمل الحكومي ادى الى ايجاد نوع من اللامبالاة لدى المواطنين في الشأن العام واقتصار اهتماماتهم على شؤونهم الخاصة، مما يشكل تحديا في اعادة التثقيف السياسي للمواطنين.وعلى ان الفكرة الاساسية من الانتخابات بسيطة تتمثل في انتخاب الناس من يمثلهم في المجلس البلدي ويشارك نيابة عنهم في عملية صناعة القرارات والسياسات والتنظيمات البلدية بما يتفق مع تطلعاتهم ومطالبهم، إلا أن للعملية بعدا سياسيا ثقافيا اجتماعيا وتنظيميا يلزم اخذه بعين الاعتبار. لذا كان من الحكمة ارجاء البدء في الانتخابات البلدية لمدة لا تتعدى العام حتى يتسنى للجميع الاستعداد لهذا الحدث الكبير.فلاشك هناك قصور ثقافي سياسي لدى الكثير من المواطنين في فهم ما هي السياسة ودور الحكومة في المجتمع والبيروقراطية والسياسات العامة واهمية الرأي العام المحلي والموضوعات والمشاكل العامة.لذا سأقوم مع بداية الاسبوع القادم ـ بمشيئة الله ـ بمناقشة هذه المفاهيم وغيرها فيما يتعلق بالسياسة والادارة العامة والتخطيط الحضري والتنمية الاقتصادية المحلية. واتمنى من القراء الكرام ردود افعالهم عما يكتب ليس من باب التعرف على ردة فعلهم واثراء النقاش وهو مهم جدا ولكن للبدء بممارسة ابداء الرأي والتعبير عن التطلعات والاحتياجات كحق من حقوق المواطن كفلته لنا القيادة السياسية المستنيرة استكمالا لمسيرة بناء الأمة. المسيرة التي بدأت بارساء دعائم الامن ومن ثم تنمية اقتصادية طموحة، وها نحن نعيش انفتاحا سياسيا وكتابة فصل من فصول ملحمة التنمية السياسية.