صحيفة اليوم

عبدالله العسكر

عندما أفكر في سبب تخلفنا الحضاري وأين يكمن الخلل؟ أجد وبما لا يدع مجالا للشك أن ذلك يرجع لتخلف نخبنا المثقفة والتي بيدها مفاتيح التقدم والتطور لهذه البلاد لو شاءت أن تفعل ، وعندما أتطرق لهذه النخب التي يمثلها من بدرجة وزير أو مدير عام أو أستاذ جامعي ... الخ ، فإنني أتحدث عن أناس تبوأوا مناصب ومكانة كبيرة بدون أن تكون لديهم رؤية أو تجربة حقيقية تجعلهم يلعبون دورا مهما في تنمية بلادنا وتطورها وصناعة تقدمها في حين لم يتجاوز دور هؤلاء توقيع المعاملات التي على مكاتبهم أو أن تكون رؤاهم شخصية لا تتعدى اهتمامات رجل الشارع العادي ، فكثير منهم تعلم ولم يكن لتعليمه أثر عليه بل عجز عن تهذيب نوازعه ورغباته وطموحاته ، وأصبح همه كيف يملأ جيبه أو يحصل على مركز هام أو سلطة تمكنه من تحقيق أي من احتياجاته الخاصة. تلك النخب (إن صحت تسميتها بذلك) تناست وربما جهلت أن الثقافة والمعرفة عبارة عن مسؤولية والتزام وموقف محدد من الحياة والمجتمع والوطن ، موقف تبنى عليه خياراتها وقراراتها التي تسهم في قيادة بلادها إلى مزيد من التقدم والتطور. وفي أحيان كثيرة عندما تجتمع مع من يعدون من النخب والقيادات الفكرية والإدارية في المجتمع وكنت تضع في مخيلتك صورا مثالية لهم وعنهم من خلال ما تقرأ لهم تكتشف عند الاقتراب منهم أي نوع من البشر أولئك وأي سطحية يتميزون بها تجعلك تشك أحيانا في أن هؤلاء هم أولئك ولكنك في النهاية ترجع ذلك إلى افتقارهم الرؤية السليمة والمصداقية وحسن النوايا ، فإذا كانت هذه نخبنا في المجتمع والأمة فلا تعجب من أن نتخلف وأن نداس بالأقدام في المعترك الدولي على جميع الصعد السياسية والفكرية والاقتصادية.