ادرك بقية عمرك
سرت نحو طريق القمة مسرعا ،أخذت أرقب الطريق، غريبة الطرق خاوية لا أجد أحد، أخذت التفت في كل الاتجاهات المحيطة، عجيبة اين اصحاب الهمم السامية؟، ما بال قواهم قد خارت وهممهم قد ذبلت؟، اسير وحدي لا أجد من يشجعني، لا أجد من يحثني على المسير، طريق طويل مليء بالمصاعب و العقبات، ماهذا؟ ماذا ارى، من هذا الذي يهرول نحوي؟، ماذا لقد تخطاني!! انتظر يا أخي، إنه يجد في المسير، ما بال عزيمتي قد ضعفت، يبدو أن الداء قد اصابني وتفشى في سائر جسدي، يجب أن أقاوم، يجب ان اواصل سيري نحو الأمل الذي طلبته والرجاء الذي بذلت لأجله، من هذا؟ شخص آخر قادم، يا للهول انه يجري كالبرق ما لى لا أراه، يا الله قد غاب عن ناظري، اذا لست الوحيد الذي يصارع لأجل بلوغ مرادي، فهناك غيري من يصارع ويسابق للحصول على الأمل المنشود، ارى شخصا بطيئا في سيرة متثاقلا في مشيته، قد أعياه التعب وبلغ به النصب، أنظر اليه باستغراب شديد، يا الله ما الذي يحدث؟ إني أتعثر اني اسقط، ما الذي حصل يبدو ان تحضيري لهذا الحدث الكبير كان ضعيفا جدا، من اشاهد؟ فلان صاحبي رجاء عاوني!! ساعدني!! ارجوك، ماله لا يستجيب لكلامي؟!، ولا يلبي ندائي ولا يسمع صراخي، مالي أشاهد اناسا يسرعون كالريح لا يمكن رؤيتهم، بدأت عيناي تستوعب الموقف، أناس ينطلقون مسرعين وأناس ثقال متباطئون، أخذ عقلي يعمل ما الذي يحصل؟؟، أخي الحبيب أرجوك ساعدني، أنجدني، يصرف نظره عنى، يبدو أنه لا يراني انطلق مجدا في سيره حتى أختفى من أمامي - أحدق في سائر الوجوه لعلى أجد من يساعدني في محنتي أخيرا ها أنا اشاهد والدي الطيب، ابي، أبي، انتظر قليلا اريد ان اتحدث معك لا يلقي بالا ولا يرد على حديثي مواصلا سيره الحثيث، بدأت الغمة تنكشف عن تفكيري، حاول فكري أن يستوعب الموقف انتظر تلك أمي أقبلت مسرعة، لاشك انها ستقف لي فحنانها يمنعها من تركي وحيدا اعاني من شقاء الاعياء والتعب.أمي أمي!! لا تجيب، ما الذي يحدث ما هذا الأمر الذي جعل والداي لا يعيراني اهتمامهما، حاولت ان استشف من ذلك الموقف بأكمله حقيقة ما يجري، وقفت على قدمي بعد محاولات مستميتة ومتعددة، حاولت السير،جهدت في طلب ذلك، عجزت قدماي عن الحراك، أخذت احثها على السير، وهي ترفض مرارا وتكرارا، وانا الح عليها في الطلب والرجاء، وفجأة وقفت أمام رجل كبير مهيب، قد غطى البياض سائر شعره، أبيض وسيم، أخذت عيناى تدقق في ملامحه، أخذت ذاكرتي تعود الى تدريجيا، وكيف لهذا الملامح ان تغيب عن قلبي وروحي، من يقف امامي، لم اصدق اخذت امعن النظر فيه اكثر واكثر، انه جدي الحبيب و الغالي، جدي الذي فارقنا منذ اعوام، هو من وقف لي وساعدني في محنتي و مصيبتي، فضمني الى صدره بحنان ابوي كبير، ومسك بيدي وأمرني بالمسير وبدأ يحثني عليه بشكل كبير، خطوات خطوات قليلة بصعوبة ومشقة، أخذت اشهق تعبأ رغم قلة خطواتي، التقت الى مشفقا وقد رمقني بنظرة عاطفة حنونة، واخيرا تفوه بلسانه: لماذا لم تستعد يا أحمد؟؟ قلت له: وعلى ماذا أستعد؟؟، فضمني الى صدره بحنان كبير، وقال لي بحرص شديد، وبكلمات معدودات: أدرك بقية عمرك، وابحث عن الطريق الصحيح، وجد وثابر في العمل حتى تكون خطواتك سريعة ممشوقة في ذلك اليوم، قلت له: اي يوم؟؟، و فجأة اذ بوالدتي توقظني من نومي، وتوبخني على تأخري في الاستيقاظ، جلست افكر عما شاهدته، وبدأت اتذكر كلمات جدي وهي تتردد في اذناي، و لازال عقلي يتذكر كل كلمة قالها لي، لم يحتج الامر الى عمق التفكير بكلامه لي، فقد جاءني بعاطفته الجياشة وحنانه الأبوي الندي، وحرصه الكبير علي لينبهني الى حقيقة وجودي في هذه الحياة، وكانت لكلماته صدى عميق يتردد في اصقاع صدري وروحي ووجداني، ويتغلغل في مكنونات قلبي، فكانت البداية لصفحة جديدة من هذه الحياة، حياتي. احمد بن خالد العبدالقادر