صحيفة اليوم

كلمة اليوم

ليس من الأسرار أن يدرك العالم أن الصهاينة في الولايات المتحدة يمثلون محركا اساسيا يدفع ادارة بوش للتهديد بضرب العراق وتغيير نظامه بالقوة، ومن يتلمس لعبة التحريك فانه سوف يكتشف دون عناء ان الصهاينة وهم يحرضون الادارة الأمريكية لضرب بغداد يتحاشون بشكل مباشر التذرع بالقرارات الأممية او التذرع بعودة المفتشين الدوليين، بل يتذرعون بحماية أمن الولايات المتحدة ومصالحها في المنطقة، وتلك دغدغة غير خافية في جسد الادارة الأمريكية لا يتقنها عادة الا الصهاينة تمريرا لتوسعهم العدواني على حساب الحقوق المشروعة للدول العربية، فهم يدركون تماما بفعل سيطرة أجهزتهم الاعلامية أمزجة الرأي العام الأمريكي فيميلون للتلاعب على اوتارها، بدليل ان لوبيهم عندما فشل في تقديم أدلة دامغة تربط بغداد بتنظيم القاعدة راح يعزف على منغومة الخطر الداهم الذي يمثله النظام العراقي ضد الولايات المتحدة ومصالحها في منطقة الشرق الأوسط، وهو عزف اقتنص الصهاينة توقيته بطريقة غير خافية، فواشنطن بعد اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر اضحى همها الرئيسي يكمن في الابتعاد عن شبح الأخطار ايا كان مصدرها، وقد وجد الصهاينة ضالتهم المنشودة في هذا البعد الأمني فراحوا يغذون العقول الأمريكية بالخطر العراقي القادم بغض النظر ان كان هذا الخطر حقيقيا ام مجرد وهم عابر نسجته أدمغة الصهاينة، والأخطر من هذا ان اسرائيل اخذت في استغلال القلق الأمريكي بخبث شديد وراحت توظفه في دفع الولايات المتحدة لاتهام عدة دول بالارهاب ومن ثم التهديد بشن حروب قادمة ليس على العراق فحسب بل في اي مكان في العالم دون الحصول على تأييد مسبق من اي جهة كانت بذريعة ان الأمن الأمريكي في خطر كما يحاول الصهاينة ايهام الادارة الأمريكية بذلك، فلم يعد هناك متسع من الوقت لتفسير وقوف دول العالم الى جانب واشنطن في حربها ضد الارهاب، فما يهم اولا وأخيرا هو ذلك التصنيف الشرير الذي رسمته اسرائيل للادارة الأمريكية، وقد نجح الصهاينة في دفع واشنطن للخلط بين ظاهرة الارهاب والمقاومة، وهو مسلك خطير سوف يجر العالم الى مذابح فظيعة لا يمكن التكهن بفداحتها الكبرى، فالحركة الصهيونية العالمية بأدواتها الفاعلة داخل الولايات المتحدة تحديدا تريد من الادارة الأمريكية ان تضرب العراق اولا، ثم تعطيها كشفا طويلا بأسماء دول اخرى تزعم بأنها تهدد الأمن الأمريكي، فهو مخطط دموي سوف يدفع الولايات المتحدة للوقوف على عتبات حروب لانهاية لها، وازاء ذلك فان على العقلاء في واشنطن استيعاب خطورة هذا المخطط الرهيب قبل الخوض في سلسلة طويلة من الحروب، فالعدالة وحدها هي التي سوف تحقق الأمن للعالم بأسره، بما في ذلك الأمن الأمريكي الذي يحاول الصهاينة ايهام واشنطن انه اضحى مفقودا،وأن انتزاعه لا يكمن الا في اراقة الدماء واشعال فتائل الحروب.