صدام كان يراهن على الشارع العربي
يقول الصحفي المصري سيد نصار انه اخر من التقي بصدام حسين الرئيس العراقي المخلوع وهو في السلطة .اليوم تحدثت الى نصار وحكى لنا انطباعاته .قال نصار: ان صدام اباح له بقرب نهايته وانه لم يعد لديه ما يراهن عليه الا وقفة الشارع العربي. وانه قال اذا خذلنا الشارع العربي فسأموت كالاشجار التي تموت وهي واقفة.. وقد بكى في اخر لقاء معه حينما احسن بأن النهاية اقتربت..هل كان صدام يريد ان يوصل رسالة معينة من خلال حوارك معك؟- صدام اباح لي باسرار لا استطيع ان ابوح بها الان نظراً لانها تمثل خطورة على الأمن القومي العربي. وصدام حينما اباح باسراره تلك كان يريد شيئاً للتاريخ او ربما كان يعيش في حالة من اليأس بعدما ضاقت عليه الدنيا وازداد عليه الخناق حينما شعر بقرب نهايته.هل عبر لك عن قرب نهايته؟- نعم.. فقد قال لي انه متأكد من ان نهايته باتت قريبة فأمريكا لن تأتي إلى المنطقة بكل هذه الجيوش دون قتال.فلماذا لم يتراجع عن قرار الحرب؟- لم يكن لديه أي قرار اخر الا الاستمرار في نفس الطريق وكان يرى ان المقاومة ستخذل مخطط امريكا في العراق.على ما كان يراهن الرئيس العراقي المخلوع بعدما ضاقت عليه الدوائر؟- كان يراهن على الموقف العربي كما حدث ايام بوش الاب حينما تحرك الشارع العربي رافضاً تدخل القوات الامريكية في العراق بعدما اجلت القوات العراقية من الكويت.نعلم انك التقيت سراً بالرئيس العراقي عدة مرات ما تفاصيل هذه اللقاءات؟- بالفعل التقيت بالرئيس العراقي مرتين اخريين كان اخرها قبل اسابيع قليلة من بداية العدوان وباح لي بأسرار كثيرة وتحدث لي عن القادة العرب فرداً فرداً وعلاقته بهم وما دار بيننا من احاديث لم اكشف عنه لانني اعد لنشره في كتاب سأطرحه في الاسواق قريباً.واين كان اللقاءان؟- كانا في قلب العاصمة بغداد وكان الرئيس العراقي السابق حتى قبل ايام من العدوان يمارس مهامه بصورة طبيعية في قصور الرئاسة المعروفة في بغداد وهي ذات القصور التي تجول فيها المفتشون الدوليون واذكر انه قال لي ان هؤلاء المفتشين ما هم الا جواسيس جاءوا لتصوير الاهداف التي ستتعرض للقصف خلال العدوان وانه وافق على دخولهم العراق استجابة لمطلب عدد من القادة العرب.لماذا اختارك صدام انت لتجري معه هذا الحوار؟- لقائي بالرئيس صدام لم يكن في الاصل من اجل اجراء حوار صحفي بل كان عبارة عن جلسة للحديث بين رئيس دولة وكاتب صحفي سياسي تربطهما علاقة قديمة لتبادل الاراء حول الاوضاع في المنطقة العربية وتم خلال اللقاء اجراء حوار صحفي فأنا صديق قديم لصدام منذ ان جاء لمصر لاجئاً سياسياً بعد محاولته اغتيال الرئيس العراقي الاسبق عبد الكريم قاسم عام 1960 وقتها كانت القاهرة خلية نحل سياسية تضم كل المناضلين العرب وكنا انا وصدام نلتقي في مقاه معروفة بالقاهرة مثل مقهى ريش او انديانا ضمن مجموعة اخرى من اللاجئين من مختلف الدول العربية لتبادل الاراء والتناقش حول قضايا القومية العربية.. وبعد عودته للعراق وتوليه منصب نائب رئيس الجمهورية لم تنقطع الصلة بل كانت لي لقاءات عدة به حتى تولى رئاسة العراق وفي شهر نوفمبر من العام الماضي كنت في زيارة للعراق التقى بي التليفزيون العراقي في برنامج حول التطورات السياسية الاخيرة وشاهدني الرئيس صدام وطلب من معاونيه دعوتي للقائه وانا لم اتقدم بطلب لاجراء أي حوار معه واعتقد انه اختارني لانه يتوسم في ازمانه ويعرف انني سأنشر كل ما يقوله بصدق من دون تحريف فقد سبق واجريت 7 حوارات صحافية معه نشرت في صحيفة اخبار اليوم القاهرية.وكيف علمت برغبة صدام حسين في لقائك؟- كنت في حفل اقامه الدكتور همام عبد الخالق وزير التعليم العالي وكانت امريكا تتهمه بأنه ابو القنبلة الذرية العراقية وبعد الحفل توجهت إلى غرفتي في الفندق، فندق الرشيد الشهير في بغداد وفوجئت بمكالمة هاتفية وقال لي المتحدث انا ابو عدي فأبديت امتعاضي للمتحدث وطلبت ان يتوقف عن هذا المزاح فأحس انني غضبت فانهى المحادثة واغلق السماعة وبعد دقائق زارني في الغرفة شخص عرفني انه مندوب لرئاسة الجمهورية العراقية وطلب ان الغي جميع ارتباطاتي في الغد وان اكون مستعداً الساعة الثامنة والنصف صباحاً للقاء مهم، لم يفصح عن الشخصية التي سألتقي بها لكني عرفت انه الرئيس صدام وبعد ذلك جاءت سيارة تحمل ارقاماً عادية وحملتني إلى فيلا في وسط بغداد ووجدت بها طارق عزيز الذي اوصلني في سيارة اخرى قادها بنفسه إلى قصر جمهوري في وسط بغداد وجلست انا وطارق عزيز نتحدث سوياً واذا بصدام يدخل علينا ويعانقني معانقة طويلة وسألني عن الاصدقاء القدامى وعن احوالي الخاصة وبعدها دخلت معه في تفاصيل الحوار وحول الاحوال التي تمر بها المنطقة العربية وابعاد الحرب التي كانت على الابواب.