صحيفة اليوم

كفى يا رواد الديوانيات.. بيوتكم أولى

عزيزي رئيس التحريرالديوانية مجلس يجتمع فيه الشباب متزوجين كانوا أم عازبين ويقصدونها في معظم أوقات فراغهم. الديوانية كلمة أو مفردة تمقتها الزوجة وتكرهها أبلغ الكره, وتضعها في القائمة السوداء, لانها تعتبرها ضرتها الأخرى فهي تأخذ زوجها عنها في معظم الأوقات, ويحن الزوج الى الديوانية أكثر منها, فالزوج من بعد صلاة العشاء وحتى منتصف الليل تجده مستقرا هناك, اما بين لعب الورق او مشاهدة التلفاز او في حديث مع بعض الأصحاب والزملاء.العجيب في الأمر كله أنك تجد كثيرا من الأزواج قد جعل من أبجديات مهامه الذهاب الى الديوانية والجلوس مع اصحابه بشكل يومي دون كلل ولا ملل في حين تجده قد ترك زوجته اما في بيتها مع ابنائها وحدهم, او تركها في بيت أهلها حتى وقت متأخر من الليل.هذا الصنف من الأزواج يخرج كل صباح الى عمله ولا يعود إلا بعد الظهر ليتناول غداءه وينام نومة هانئة, طبعا لو قلنا ان في قلبه وازعا دينيا يحثه على الصلاة فانه سيقوم ليصلي العصر ويعود الى فراشه الوثير الناعم فيغط مرة أخرى حتى صلاة المغرب, ليقوم بعدها وقد اخذ نصيبه من النوم بما يكفي لسهرة طويلة مع الشباب. في حين مازالت زوجته تذاكر للأولاد او قد ذهبت للمركز التجاري للتبضع والتسوق بدلا عنه, ولا يعود الزوج الحبيب إلا بعد منتصف الليل بعد ان نام الأولاد وظلت الزوجة منتظرة عائلها متى يقدم ويشرف المنزل, وهكذا هو البرنامج اليومي ودواليك.والسؤال الذي يطرح نفسه في خضم هذا الحدث اليومي الغالب وقوعه: متى يجلس هذا الوالد العزيز الحاني مع أولاده؟ متى يجلس هذا الزوج الحبيب الغالي مع زوجته؟ متى يؤدي هذا الابن القريب الى القلب حقوقه في صلة الرحم وزيارة الأقارب؟ أمور كثيرة قد تركها هذا العزيز لأجل تحقيق غاية واحدة, ترك أمورا عظاما جسيمة لأجل غاية ليست فيها شيء من الأهمية تقدم على تلك المسؤوليات.أنا لا أقول ان يترك الرجل الاجتماع مع أصحابه بل هي حق من حقوقه ولكن هل فعل ذلك بعد ان أدى ما عليه من واجبات وحقوق وان يجعل اجتماعه معهم في يومي الأربعاء والخميس لكونهما أيام إجازة. مع أفضلية ان يستغل هذين اليومين في صلة الأرحام فانها خير وأقوم وأبقى.وقد حصل انني دخلت احدى هذه الجلسات وهي المرة الأولى والأخيرة التي دخلت فيها الديوانيات فألفيتها لا تخلو من رائحة الدخان الكثيفة والخانقة والمنتشرة في أرجاء المكان والكافية لتعطيرك بأرقى أنواع المعسل ولا يخلو حديثها من سوء الألفاظ ومستقبحها, وما يعرض على شاشات التلفاز حدث ولا حرج, ولا أنسى قصة شاب حديث عهد بزواج قد ترك زوجته الشابة في اليوم التالي من زواجها ليجلس مع اصحابه جلسة صاخبة في ذلك المرتع الديواني, لكم ان تتصوروا كيف حال تلك الفتاة وقد تركها زوجها في ثاني يوم لأجل لعبة سخيفة, فالعقل يتساءل ما هو الحال بعد سنة او سنتين.قد يغضب مني من كانت عادته الذهاب الى الديوانيات والتردد عليها ولكنها كلمة حق لصالح الجميع ولكم ان تسألوا كل رجل ترك هذه الجلسات وعن مدى انطباعه عنها, والحديث لا يقتصر على المتزوجين فقط من مرتادي الديوانيات بل الأمر يتعدى الى الشباب الذين انققوا الأموال وأهدروها في غير نفع لاقامة مثل هذه الديوانيات ولتكون مركزا, وتركوا أهلهم وذويهم وانشغلوا عنهم, فلو احتاج احد ذويهم الى مبلغ بسيط لتعذر الشاب وتعلل بعدم امكانياته ولو طلب منه اصحابه مبلغا لتطوير مبنى الديوانية تجده من أوائل المبادرين والمساهمين, الحديث هنا يشمل الأزواج والشباب فكل منهما مسؤول عن ذلك.والعجيب في هذه الأيام ان من لا يدخل في إحدى هذه الديوانيات يعتبر من الشاذين ومن غريبي الأطوار, ولا أدري ما علة ذلك هل تركوا لعب الورق الذي لا ينتج عنه سوى الخلاف والنزاع, او تركوا نفث الدخان وشربه والاعتياد عليه وغيرها من الأمور الكثيرة , والعجيب ان احد الرجال متزوج ولديه أطفال وقد كان لا يرتاد تلك الديوانيات فكان لا يعرف التدخين الى وقت قريب ولما دخل احدى تلك الديوانيات ومع إصرار رفاقه في الديوانية جرب التدخين حتى اعتاد عليه.لا اعرف احدا دخل واعتاد على التردد في هذه الديوانيات فخرج بحال طيبة بل على العكس تماما, والمتابع يلاحظ ان عدد الديوانيات قد ازداد بشكل كبير وعجيب فيا من تركت زوجتك تعد الساعات وحدها, ويا من رفضت طلبات أهلك الملحة لأجل لعبة ورقية او نزهة مع رفقة قد امتهنوا الألفاظ السوقية لو فكرت بعقلك الراجح لوجدت ان هذه الديوانيات لم تفعل بك سوى السوء. وما زلت أردد أنني لا اقصد ألا يجلس الفرد مع اصحابه بل يختار الوقت المناسب الذي يلقاهم فيه في أماكن تخلو من تلك السلبيات وبعد ان تكون قد اتممت سائر الحقوق المتعلقة عليك, فالحياة ليست كلها لأصحابنا بل ان هناك من يستحقونها قبلهم, فابدأ بالأولويات وقدم الأهم على المهم.@@ أحمد بن خالد العبدالقادر