نجيب الزامل

بوضوح الشمس

المقالة مائتان منذ بدأت وضوح الشمس وكنت قد بدأت فترة متقدمة من هذه الجريدة بمقالات تحت عنوان عمود اسمه (بيني وبينك).. وكتبت عن المقالة المائة، واستغربت آنذاك صبرالقراء وصبر اهل الجريدة على صمودهم عبر كل تلك المقالات.. واستغربت صمودي.. وبما ان الامر تجاوز الصمود فان الوصول الى المقالة رقم 200، اما يعني انني ابلي بلاء مقبولا.. او ان الصمود وصل الى تخوم الادمان.. وكلنا نعرف ان الادمان لا يعني بالضروة التعلق بشيء جيد لذا فان علي ان اعمل ما يجب علي عمله.. ان استمر في الكتابة، مالم تتدخل امور متوقعة او غير متوقعة مثل مجموعات حقوق الانسان، او الناشطين في مكافحة التلوث الفكري.. او ان تقف حشود امام مبنى الجريدة يطالبون برأس هذه الزاوية (ملاحظة هامة: الوفود التي تأتي لزيارة المبنى هذه الايام تأتي لغرض ليس فيه ما يتعلق بالاحتجاج على الزاوية!).وقد اكتشفت شيئا في عالم الكتابة فالكاتب منفصل عما يكتب اي انه شخصيتان في آن، لذا فإني تجرأت يوما وكتبت ملاحظة على كاتب رفيع العبارة هو "حسن السبع" لما اراد الكتاب ان يطبقوا ما يعظون اراني يوما في مزاج ضيق، واخرج مقالا اتعجب من فرحته بالدنيا.. ولما توصلت لهذا الاكتشاف تأكد لدي ان الكتاب مصابون بنوع من الشيزوفرينيا ما نسميه بالفصام (والغريب ان شيزوفرينيا من مقطعين Schizo وتعني منقسما و Phrenia وتعني العقل. اي العقل المنقسم!) وفرحتي لم تكتمل فقد توصل العلماء مؤخرا الى تحديد الجينات التي تسبب هذه الحالة.. ولان الجينوم البشري (خارطة التركيب الفسيولوجي البشري الشهيرة) قد بدأ بكامل طاقته فقد يأتي يوم يقضون فيه على فعالية هذه الجينات. وتبدأ عصور جديدة خالية من الكتاب.. من يتخيل الحياة بدوننا نحن الكتاب؟ من يجرؤ ان يقول انها ستكون افضل؟!واكتشفت شيئا اسمه الغيرة.. يكتب "الدكتور الحثلين" مقالة يوما، فأتمنى لو اني اتصلت بالتحرير وسرقتها لنفسي، ويكرس رجل صلب مثل استاذنا "السنيد" معارك ملحمية ضد التدخين واغار من القدرة المتجددة في كر الغارات الفكرية وجيش الكلمات التي يحشدها.. ويقول "الحليبي" رأيا يغلي ويغلفه بهدوء بارع، ويكتب الاستاذ محمد العلي فكرا خاما خالصا وهو اول من يعلم انه يسير عكس عقارب الساعة.. واتعجب لتنوع "نورة الخاطر"، وسماحة الدكتورة "وسمية المنصور" ورحابة خاطرها وحذاقة "سارة الخثلان" وانتقائها كلمات لامعة لافكار لامعة. ثم يضايقني بعض القراء الذين يتفوقون على كتاب من درجتي بمسافات.. واخاف ان يزحفوا يوما لإزالة آخر حرف في زاويتي.ولكني اجتزت مرحلة الخطر.. وهذا ما يحفزني للاستمرار ان لم تتدخل هذه الغيرة او هذا العقل المنقسم!