عبدالوهاب سعيد القحطاني *

صباح الاقتصاد

الدمج او الاندماج بين المؤسسات والشركات الوطنية صورة من صور التأقلم والتكيف مع العولمة التي اصبحت هاجسا كبيرا للكثير من دول العالم التي لا تملك المقومات المناسبة والقوية لعولمة مؤسساتها بل والوقوف بصلابة وثقة وتماسك في حدودها القومية امام الشركات العالمية التي تجوب الكون لاستغلال الفرص الاستثمارية. ويشهد العالم دمجا ملموسا بين الشركات من حيث الحجم المالي وعدد الشركات المندمجة، وذلك لأن اندماجها يكسبها ميزات تنافسية لا تستطيع تحقيقها منفردة. ولقد اندمج العديد من البنوك الصغيرة والكبيرة حول العالم في العقدين الأخيرين للعمل من منطلق فلسفة (فكر عالميا واعمل محليا) ولانني من المهتمين بالدمج الناجح بين الشركات الوطنية فانني اتابع باهتمام كبير ولادة البنك الجديد الذي تساهم فيه ثمان من المؤسسة المصرفية الوطنية التي تلعب دورا كبيرا في التنمية الاقتصادية في المملكة.ولاشك ان دمج المؤسسات المصرفية في بنك واحد كبير سيساعدها على مواكبة العولمة في سوق الخدمات المالية وبخاصة بعد انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية لذلك فالتآزر بين الشركات الوطنية خيار استراتيجي يحقق لها النمو لكن ذلك يتطلب العدالة والشفافية في طريقة الدمج وتوزيع الحصص بينها حسب نشاطاتها وتواجدها في السوق المالية.وعندما تتباين وجهات النظر ويبدأ الاختلاف حول الحصص واضحا بين المؤسسات السعودية التي تشكل البنك الجديد فان الدمج بينها سيواجه عقبات كبيرة وبخاصة ان معايير الدمج غير واضحة كما يبدو للكثير من المختصين ولقد توقعنا ان تتمتع مؤسسة الراجحي للصيرفة بحصة كبيرة لكونها من اكثر المؤسسات المالية للصرافة في المملكة لكنها لم تحصل على الحصة المتوقعة التي تناسب حجمها ونشاطاتها الملموسة في المملكة حيث حصلت على 14 بالمائة من اجمالي رأس المال المستثمر في البنك الجديد علما بأنها منتشرة في جميع انحاء المملكة في كل مدينة وقرية حيث يبلغ عدد فروعها 130 فرعا وعدد موظفيها 1050 موظفا معظمهم سعوديون وهذا ما جعلها تحصل على جائزة السعودة من سمو الامير نايف بن عبدالعزيز.ومن الطبيعي ان يكون الدمج بين المؤسسات والشركات السعودية برغبتها حيث لن يحقق الدمج المفروض بالقوة الاهداف المنشودة منه. واذا كانت سياسة الدمج غير واضحة فانها ستولد مناخا للصراعات داخل البنك الجديد ما يبدد الدمج ويهدر الموارد الوطنية في البنك الجديد، لذلك يستوجب الدمج قناعة تامة لدى الاطراف المندمجة في البنك الجديد بأهمية توافر الانسجام والثقافة المؤسسية. وبالرغم من حداثة مفهوم الاندماج بين الشركات والمؤسسات السعودية المالية منها والصناعية الا انه بدأ يتبلور لكن المشكلة كما يتضح عدم رغبة المالكين للشركات في فقد قوتهم الإدارية والقانونية مما يسهم في عرقلة الدمج الناجح، وهذا وضع طبيعي لمؤسسات استثمرت الكثير من الجهد والمال والفكر لتصبح عملاقة في مجال اعمالها فاذا رأى القائمون عليها عدم انسجام الدمج مع اهداف مؤسساتهم فإنهم لن يقبلوا ما يقوض ما استثمروه في عقود زمنية طويلة.@@ أستاذ الادارة الاستراتيجية والتسويقالمساعد بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن