مساحة خضراء
يحظى قطاع الصناعات الغذائية باهتمام كافة الدول ليس فقط لما له من أهمية على الصعيد الاستراتيجي والأمن الغذائي ومساهمته في الاكتفاء الذاتي، وإنما أيضا لما يوفره من أنشطه تتكامل مع القطاع الزراعي. ولهذا يعتبر هذا القطاع عنصرا داعما ومحفزا لتطوير القطاع الزراعي إذا ما توفرت المتطلبات الأساسية لها القطاع من تربة خصبة وموارد مائية وأيد عاملة.تواجه دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تحديات أمام تطوير القطاع الزراعي وزيادة مساهمته في الناتج القومي الإجمالي، ومن أهم هذه التحديات محدودية الأراضي الصالحة للزراعة وقلة المياه وارتفاع الملوحة، إلا أن هذه التحديات لم توقف اهتمام دول المجلس بالقطاع الزراعي حيث عملت بعضها على توفير الدعم المادي والتقني من أجل تحفيز الاستثمار في قطاع الزراعة مما أدى ذلك إلى رفع مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي، حيث بلغت حصة هذا القطاع في الناتج المحلي الخليجي حوالي 3.7 في المائة في عام 1002. وقد ساهمت سياسة الدعم التي نفذتها المملكة العربية السعودية خلال العقدين الماضيين في رفع نسبة مساهمة القطاع الزراعي في ناتجها المحلي إلى 5.1 في المائة في عام 1002, في حين لم تتجاوز نسبة مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي 0.4 في المائة، أما في البحرين فقد بلغت هذه النسبة 0.7 في المائة، إلا أنه من المتوقع أن تنخفض مساهمة هذا القطاع نتيجة إلى تغيير سياسة الدعم التي اعتمدتها المملكة العربية السعودية، وإعادة النظر في مفهوم الأمن الغذائي مع تعولم الاقتصاد وازدياد تشابك المصالح بين الدول مما قلل من مخاطر عدم قدرة الدول على استيراد ما تحتاجه من مواد غذائية.بالرغم من أن عدد سكان دول مجلس التعاون لا تتعدى 01 في المائة من إجمالي سكان الوطن العربي، إلا أنها تستورد ما قيمته 6.6 مليار دولار من سلع غذائية وهو ما يمثل 25 في المائة من إجمالي الواردات من السلع الغذائية للدول العربية، وتستأثر المملكة السعودية على حوالي 54 في المائة مما تستورده دول المجلس. وتبلغ واردات دول المجلس من الصناعات الغذائية والمشروبات والتبغ أكثر من 4 مليارات دولار خلال عام 1002, تمثل حصة مملكة البحرين فيها 5 في المائة فقط، مقابل حصة المملكة العربية السعودية البالغة 83 في المائة. في حين لا تتجاوز صادرات دول المجلس من هذه المنتجات 343 مليون دولار، إلا أنه يلاحظ انخفاض واردات دول المجلس بين عامي 9991 و 1002 بحوالي 53 في المائة وذلك راجع إلى نمو الصناعات الغذائية في دول المجلس وتمكنها من تغطية جزء من الطلب المحلي.تقدر الاستثمارات الخليجية في قطاع الصناعات الغذائية بحوالي 6 مليارات دولار بنهاية عام 2002 موزعة على 1.053 مصنعا، تبلغ حصة كل من السعودية والكويت وقطر والامارات 99 في المائة في حين لم تجاوز حصة البحرين وعمان 1 في المائة. وتعتمد الغالبية الساحقة من هذه المصانع على مواد خام مستوردة، وعمالة أجنبية رخيصة.إن الفجوة الغذائية التي تواجهها دول المجلس تشير إلى وجود فرص استثمارية سانحة تمتلك فرص نجاح إذا ما توافرت البيئة الصالحة. القادرة على التغلب على التحديات التي تواجهها الصناعة الخليجية بشكل عام والصناعات الخليجية بوجه خاص. وأهم ما تحتاجه هذه الصناعة بالأساس هو إزالة معوقات التصدير التي تحد من قدرة المصانع الخليجية إلى الوصول بالشكل المطلوب إلى أسواق دول المجلس. ومن أهم معوقات انسياب المنتجات الغذائية هي: (1) عدم التزام بعض دول المجلس بالعديد من القرارات الخليجية مثل المواصفات والمقاييس، حيث أنه بالرغم من اعتماد 3471 مواصفة خليجية إلا أن بعض دول المجلس لا تلتزم بهذه المواصفات مما يرفع من كلفة الإنتاج،(2) بطء الإجراءات الجمركية بالرغم من مرور عام على بدء العمل بالاتحاد الجمركي الخليجي، عوضا عن بعض المتطلبات الإضافية الخاصة بالشحن والنقل والفحص الطبي وشهادة المنشأ.(3) غياب التشريعات الخاصة بالإغراق. هذه المعوقات، بالإضافة إلى المنافسة من المنتجات المشابهة ومواصفات وطرق تغليف المنتجات الخليجية، تساهم في تدني حجم التجارة البينية بين دول الخليج للمنتجات الخليجية حيث لا تمثل إلا 5 في المائة من حجم التجارة البينية البالغة 5.848 مليون دولار في عام 2000، وتبلغ قيمة السلع الغذائية في التجارة البينية بين دول الخليج 213 مليون دولار.