صحيفة اليوم

خليل الفزيع

من يتنقل بين دول الخليج العربية فسيلاحظ عدة ظواهر جديرة بالتأمل، ونحن هنا سنكتفي بموضوع العمالة الوطنية والوافدة، فنحن نجد بعض دول الخليج العربي تعتمد في تصريف كثير من امورها على العمالة الوطنية، ابتداء من البواب وماسح السيارات وحامل الحقائب ووصولا الى اعلى المناصب الادارية، ومرورا بمختلف المهن والصناعات والحرف اليدوية، وهذا لا يعني انعدام الاجانب في ذلك البلد، لكن وجودهم لم يأت نتيجة قلة اليد الوطنية العاملة او احجامها عن ممارسة بعض المهن، بل نتيجة اصرار الشركات الاجنبية على استقدام العمالة الاجنبية في ظل انظمة العمل التي لا تعالج هذه المشكلة بجدية اكثر وبالمقابل نجد في دولة خليجية اخرى اعتمادا شبه كامل على العمالة الوافدة، في الاسواق.. في الاماكن العامة.. في الادارات الحكومية.. في المؤسسات الاهلية.. اجانب.. اجانب.. اجانب، حتى ليكاد عددهم يطغى على عدد المواطنين.. وعندما نقول اجانب، فاننا نقصد غير العرب، وتحديدا العمالة الآسيوية، والسؤال الذي يفرض نفسه: ما دامت بعض بلدان الخليج العربية تملك فائضا من العمالة الوطنية، لماذا لا تتم الاستعانة بهذه العمالة في بلد اخر يكاد عدد الآسيويين فيه يطغى على عدد المواطنين؟ثم اذا كان ولابد من الاستعانة بالعمالة الوافدة، لما يتم تجاهل العمالة العربية، ويتم الاعتماد على العمالة الاجنبية؟ في الوقت الذي تنتشر فيه العمالة العربية في كل ارجاء المعمورة بحثا عن لقمة العيش؟والادهى من ذلك ان نجد في بعض دول الخليج بوادر البطالة، وفي بلدان لا تزال تعتمد على العمالة الوافدة. وهذه مسألة لا تتحمل الدولة بمفردها مسؤوليتها.. بل هناك من يشاركها في هذه المسؤولية، واقصد رجال الاعمال والشركات الاهلية الذين يعتمدون على العامل الاجنبي، دون التفكير في الاستعانة بالكوادر الوطنية المختلفة، واتاحة فرص العمل لها وتدريبها وفق برامج مدروسة تهدف الى الاستغناء عن العمالة الوافدة في نهاية المطاف، وكلنا نعرف ماذا يمكن ان يؤدي اليه شبح البطالة اذا حل بمجتمع ما، وما يمكن ان يزرعه من امراض وادواء اجتماعية لا حصر لها، وما تخلفه هذه الامراض والادواء من مشكلات ومعضلات قد تمتد اثارها لاجيال قادمة وعديدة، وها هي المجتمعات الخليجية تتحمل الكثير من نتائج ذلك اقتصاديا واجتماعيا وامنيا.