شكري كان صديقا حميما إلا أنه بعد شهرته أصبح أنانيا ومغرورا متنكرا لأصدقائه و اتهمني بالحسد والحقد وشتمني
من بين الوجوه البارزة التي حضرت ملتقى المرأة والكتابة في دورته الرابعة بمدينة أسفي، كان الأديب المغربي إدريس الخوري الذي وجه كلمة للحاضرين خلال حفل تكريم الأديبة المغربية خناتة بنونة."اليوم" اغتنمت هذه الفرصة، وأصرت على لقاء الأديب إدريس الخوري الذي قلما يمنح مقابلات صحفية، فأمدها بهذه المقابلة التي تحدث فيها عن المشهد الثقافي المغربي والتحولات التي طرأت عليه في ظل حكومة التناوب، كما تحدث عن عدد من المواضيع كعلاقة المثقف بالحزب في المغرب، ومكانة اتحاد كتاب المغرب، وإلى غير ذلك من المواضيع..إلا أن أبرز ما جاء في الحوار كان فتحه النار على صديقه الأديب الراحل محمد شكري مؤلف (الخبز الحافي)، والذي اتهمه بالغرور والأنانية والتنكر لأصحابه.لنستمع للأديب المغربي إدريس الخوري...@ في الآونة الأخيرة قلت شهية الأستاذ إدريس الخوري في الكتابة.. ما مرد ذلك؟ـ لم تقل شهيتي لكتابة القصة القصرية ، بل العكس زادت كتاباتي،ولدي الآن نصوص جديدة وأخرى في طور الإنجاز، ولذلك أجد نفسي بحاجة إلى التريث لكي اقدم وانشر نصوصا في المستوى محاولا أن أسجل قفزات نوعية في قادم الأعمال، كما أني أرى أن الكتابة القصصية اصعب من كتابة الرواية، باعتبار أن القصة تنبني على عالم مكثف وعلى عالم آن وعلى لحظة زمنية في مكان معين. لذلك أرى أن القلة في الإنتاج ليست موقفا بقدر ما هي تأمل في الذات والمواضيع، والتأمل في تقنية الكتابة ، مع ذلك فإني أرى أن المقالة تأخذ مني وقتا كثيرا، لأنني مطالب بمقالات أسبوعية من قبل عدد من المنابر الإعلامية المغربية منها وحتى العربية، وهذا ما يجعلني بالأساس مقلا في نشر القصة بالشكل الذي كنت عليه سابقا عندما كنت اشتغل ضمن الجريدة.@ هل هذا يعني أن القراء على موعد مع إصدار جديد في المدة القليلة القادمة؟ـ بالفعل ، فبقوة من الله ومشيئته ، فأنا الآن بصدد إصدار مجموعة جديدة سأحاول أن أنشرها خلال الأسابيع القادمة، وستكون جاهزة للنشر مع الدخول المدرسي القادم.@ سؤال يتكرر في كثير من الحوارات التي تجرى معكم، بعد كل هذا العطاء لم نسمع بعد عن سيرة ذاتية للأديب إدريس الخوري؟ـ بالفعل طرح علي هذا السؤال كثيرا، وأجبت عنه باستفاضة كبيرة، فالمسألة تتعلق بانشغالات والتزامات كثيرة تأخذني من كتابة السيرة الذاتية ، ولا أخفيك أني كتبت أجزاء مهمة منها، إلا أني لا أخفيك بالمقابل أني مدفوع إلى أشياء أخرى والتزامات تبدو لي أكثر أهمية من العودة إليها. مع ذلك أخبرك أن كتابة السيرة الذاتية ليست بالشيء الصعب يلزمها فقط وقت ونظام زمني منظم ومحدد، وهذا ما افتقده حاليا، حيث ان تفكيري وجهدي مشتتان هنا وهناك، لذلك فالوقت يمر دون أن أنهي هذا المشروع.@ ما دور الكاتب والمثقف في المؤسسة الحزبية في المغرب؟ـ اعتقد أن دوره متمم ومكمل لما هو سياسي، وأنا أظن، أن أي حزب في العالم لا يخلو من العنصر المثقف، حيث إن هناك مناضلين مثقفين في صفوف الأحزاب الاشتراكية في كل من فرنسا والبرتغال وإسبانيا والمغرب يخدمون الحزب بتصوراتهم وافكارهم وهذا ما جعل حزب الاتحاد الاشتراكي في المغرب مليئا بالمثقفين والأطر الكفؤة.وأرى انه من الضروري أن يكون المثقف ملما بالوضع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي في بلاده، وعارفا بالقضايا والإشكالات المطروحة في المجتمع، حتى لا يكون نتاجه الفكري بعيدا عن واقعه الاجتماعي، وأن يكون بالتالي قادرا على تحليله وهذا هو دور المثقف العضوي في الحزب،ولا أقول المثقف الحزبي. لأن هذا يجعل الأول قادرا مع الاختلاف حتى مع القيادة السياسية للحزب.@ في هذا الإطار، إلى أي مدى كان صوت إدريس الخوري مسموعا من قبل قيادة الحزب؟ـ أولا ليس لدي مباشرة مع القيادات السياسية للأحزاب، مع ذلك فهذه القيادات أو جزء منها تجمعني بهم علاقات صداقات مبنية على الاحترام المتبادل وعلى الاختلاف أيضا، منذ بدايات عملي في صحيفة العلم ـ الناطقة باسم حزب الاستقلال المغرب ـ فحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية من خلال صحيفتي (المحرر) ثم (الاتحاد الاشتراكي)، ما جعل الأغلبية منهم يفتخرون بأني أنتمي إليهم وإلى فضائهم الثقافي والإعلامي.@ شهد المغرب في الآونة الأخيرة تحولا سياسيا أوصل اليسار لأول مرة إلى سدة الحكم، ما التأثير الذي كان لهذا التحول على المشهد الثقافي المغربي؟ـ لم يكن هناك تحول كبير بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، أقصى ما يمكن أن يقال إن تجربة التناوب في المغرب كانت تجربة فريدة في العالم العربي، وكان يمكن أن تكون ناجحة بشكل أكبر لولا بعض الإكراهات السياسية والاقتصادية في البلد، وبالتالي لم يطرأ تجول جذري، بل هناك تحول نسبي خاصة في المجال الثقافي، حيث أن تفويت وزارة الثقافة لشاعر وصحافي هو الصديق محمد الأشعري أثر تحولا واضحا على المشهد الثقافي بالبلاد في صبغته الرسمية. حيث بدأت وزارة الثقافة في طبع "الكتاب الأول" للكتاب المغاربة الشباب، وبدأت في نشر الأعمال الكاملة للأدباء المعروفين أمثال زفزاف وغلاب وأنا عبد ربه و عبد الكريم الطبال، كما بدأت في دعم الأعمال المسرحية، وهذا ما لم تقم به الحكومات السابقة، وبالتالي سجل لحكومات التناوب.@ بعد سنوات عديدة، ما رأيكم في مكانة اتحاد كتاب المغرب وفي التطور الذي عرفته المؤسسة، أنتم الذين انضممتم إلى صفوفها في أكتوبر من العام 1968؟ـ في الحقيقة مر بعدة مراحل انطلاقا من ترؤسه في البداية من قبل المفكر محمد الحبابي وحمل إلى حد ما الطابع الرسمي، بعد أن عمل الحبابي على ضم عدد من الدبلوماسيين وموظفي وزارة الخارجية إلى صفوف اتحاد الكتاب، بعد ذلك جاءت مرحلة عبد الكريم غلاب التي كانت في نظري مرحلة جمود، إلا أن أهم مرحلة كانت خلال رئاسة اليابوري، ومرحلة محمد برادة فمحمد الأشعري، فالمرحلة الأخيرة برئاسة الزميل الشاعر حسن نجمي، وهي مرحلة مهمة حيث شهد اتحاد كتاب المغرب تحولا جذريا.وأهم شيء يحسب لاتحاد كتاب المغرب خلال السنوات الأخيرة هو مغادرته المركز ممثلا في الرباط والدار البيضاء ليمتد إشعاعه إلى عدد من المدن والمناطق المغربية التي كانت مهملة "صفرو بني ملال طنجة فاس" كمدينة أسفي التي نحضر فيها اليوم ملتقى المرأة والكتابة في دورته الرابعة، وهو تحول مهم.@ قلتم إن من رفع لواء اتحاد كتاب المغرب هم المثقفون اليساريون، ألا يمكن أن يتهم البعض المؤسسة بأنها منغلقة على أصحاب هذا التوجه؟ـ لا أعتقد ذلك، بالعكس، فالعديد من الكتاب والشعراء الأعضاء في اتحاد كتاب المغرب هم غير ملتزمين سياسيا، حيث إن الاتحاد أبوابه مفتوحة فقط في وجه من هو مبدع بالدرجة الأولى دون أي اهتمام بالخلفية الحزبية للأعضاء. واسمح لي أن أقول لك إن هذا الاتهام يقوله فقط بعض المناوشين والمزايدين على عمل اتحاد كتاب المغرب. @ باعتباركم من رواد كتاب القصة القصيرة في المغرب، ظهرت في الآونة الأخيرة مجموعة "الكوليزيون القصصي" التي أسست من قبل عدد من كتاب القصة الشباب، ما رأيكم في هذا الأمر؟ـ أنا لست ضد ظهور أي جمعية أو مؤسسة ذات ثقافي ، بل العكس هذا يصب في خدمة المشهد الثقافي في البلاد، ويقويه بأسماء جديدة، المهم عندي هو أن يضيف هذا "الكوليزيوم" شيئا ما للساحة الثقافية بشكل عام والقصة القصيرة بشكل خاص، لكن الظاهر هو العكس، فصحفنا تتحدث عن الخلافات الداخلية بين أعضاء الكوليزيوم، وهذا للأسف شيء سلبي يحدث في بعض الجمعيات التي تحاول أن تكون بديلة أو مضادة لمؤسسة من حجم اتحاد كتاب المغرب.@ باعتباركم من بين أبرز المثقفين المغاربة، ما تعليقكم على رفض صديقكم الأديب بوزفور مؤخرا تسلم جائزة الدولة للكتاب، هل لديكم أي تعليق على هذا الأمر؟ـ ما يمكنني قوله، أن هذا الموقف هو موقف شخصي، خاص به،ولا يمكنني أن أعلق عليه. @ أديب آخر جمعتكم به صداقة طويلة، يتعلق الأمر بالراحل محمد شكري كيف تتذكر هذه الصداقة ، خاصة ونحن على مشارف مرور سنة كاملة على تكريمه ـ قيد حياته ـ خلال موسم أصيلة الماضي؟ـ أولا شكري كان صديقا حميما على مدى عقود، إلا أنه عندما أصبح مشهورا تغير سلوكه، وأصبح أنانيا ومغرورا حيث تنكر لأصدقائه وفي مقدمتهم أنا، واتهمني بأني أحسده وأحقد عليه حيث شتمني شتما مجانيا من خلال عدد من التصريحات الصحفية، بل على العكس من ذلك قمت بعيادته أثناء فترة مرضه لأكثر من مرة، مع ذلك أنا أغفر له وأسامحه، لأنه الآن بات بين يدي الله.@ بعيدا عن الساحة الأدبية المغربية، هل لديكم أي اطلاع على ما تحفل به الساحة الأدبية في منطقة الخليج العربي؟ـ نعم قرأت لعدد من الأدباء الخليجيين، خاصة من عمان والبحرين والإمارات العربية المتحدة، واحتفظ بصداقات كبيرة مع عدد من الوجوه هناك،وأقرأ لعدد منهم. وأعتقد أن أدب منطقة الخليج بدأ الآن يعرف عن نفسه من خلال عدد من الكتابات والإصدارات والمجلات، وهذا عنصر إيجابي.@ بعد هذه المسيرة الطويلة، هل إدريس الخوري راض عن مسيرته؟ ـ الأمر يتوقف على القراء والنقاد، أما أنا فأعتقد أني أعطيت ما أمكنني إعطاؤه، وأنا مازلت مطالبا بالعطاء، ما يمكنني قوله، هو أني أتمنى أن أكون قد أضفت شيئا ما إلى القصة المغربية.@ في المقابل ما الذي كنت تصبو إليه ولم يتحقق؟ـ لم يكن لي أي طموح، إلا أن أكون كاتبا فقط لا غير. إدريس الخوري في سطور:ولد الأديب المغربي إدريس الخوري عام 1939 بمدينة الدار البيضاء.يعتبر من المؤسسين لأدب القصة في المغرب إلى جانب عدد من الأدباء المغاربة كبوزفور وعبد الجبار السحيمي وزفزاف "وهؤلاء كلهم أصدقاؤه".من مؤلفاته:- حزن في الرأس والقلب. - ظلال، وهي من تقديم زفزاف.- البدايات.- الأيام والليالي.- فضاءات.- مدينة التراب.- يوسف في بطن أمه.- كأس الحياة.- بالإضافة إلى عدد من الأعمال الأخرى.- نشرت له مؤخرا وزارة الثقافة المغربية كل أعماله ضمن مؤلف الأعمال الكاملة.